دبي، بيزنس نيوز: بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أعلنت دولة الإمارات إطلاق “البرنامج الوطني للسكك الحديدية” أكبر منظومة من نوعها للنقل البري على مستوى إمارات الدولة كافة، والهادفة إلى رسم مسار قطاع السكك الحديدية على مستوى دولة الإمارات للسنوات والعقود المقبلة، وما يتضمنه ذلك من إطلاق مشاريع سكك حديدية لنقل الركاب مباشرة بين إمارات ومدن الدولة، من بينها قطار الاتحاد، الأول من نوعه الذي يربط بين مختلف مدن ومناطق الإمارات، والذي انطلقت المرحلة الأولى من عملياته التشغيلية في العام 2016، مع فرص التوسع إلى خارج حدود الإمارات. ويندرج “البرنامج الوطني للسكك الحديدية” تحت مظلة مشاريع الخمسين، أضخم حزمة من المشاريع الاستراتيجية الوطنية الساعية إلى التأسيس لمرحلة جديدة من النمو الداخلي والخارجي للدولة للخمسين عاماً المقبلة، بما يعزز مكانتها إقليمياً ودولياً كمركز عالمي للريادة والتميز، والارتقاء بتنافسيتها في مختلف المجالات، وصولاً إلى تبوؤ أفضل المراتب عالمياً.
جاء ذلك خلال فعالية خاصة في “إكسبو دبي” لمشاريع الخمسين، حيث شهدت الفعالية استعراض أهداف البرنامج الوطني للسكك الحديدية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على “قطار الاتحاد”، الذي يمتد من الغويفات على الحدود مع المملكة العربية السعودية حتى ميناء الفجيرة على الساحل الشرقي، واستعراض مراحل الإنجاز والتشغيل ضمن الجدول الزمني المحدد.
في هذا الخصوص قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “قطار الاتحاد أكبر مشروع لترسيخ قوة الاتحاد للخمسين عاماً القادمة، وسيربط 11 مدينة ومنطقة من أقصى الإمارات لأقصاها”.
وأضاف سموه: “البنية التحتية لدولة الإمارات من بين الأفضل عالمياً.. وقطار الإمارات سيرسخ تفوق الإمارات العالمي في المجال اللوجستي”، لافتاً سموه إلى أن “قطار الاتحاد يتوافق مع السياسة البيئية لدولة الإمارات وسيقلل انبعاثات الكربون بنسبة 70 – 80%، وسيدعم جهود الدولة في تحقيق الحياد المناخي”.
من جانبه، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأن “البرنامج الوطني للسكك الحديدية يجسد مفهوم التكامل في منظومتنا الاقتصادية من خلال أكبر شراكة بين مؤسسات الدولة على المستويين الاتحادي والمحلي ضمن رؤية تهدف إلى ربط مراكز الصناعة والإنتاج وفتح ممرات تجارية جديدة.. وتسهيل حركة السكان.. وخلق بيئة عمل وحياة الأكثر تطوراً في المنطقة”.
وأكد سموه بالقول: “المشروع الوطني للسكك الحديدية سيسهم في تحقيق نقلة نوعية في منظومة النقل البري، بحيث تكون أكثر كفاءة وفاعلية.. بجانب تعزيز منظومتنا الاقتصادية إقليميا ودولياً بما يجسد المبدأ الثاني من ” وثيقة الخمسين ” لجهة بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم”، مضيفاً سموه: “البرنامج الوطني للسكك الحديدية سيسهم في تأهيل أجيال جديدة من الكوادر الوطنية القادرة على قيادة قطاع السكك الحديدية في المستقبل من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات العلمية التي تشكل إضافة نوعية في قاعدة الكفاءات والخبرات لدينا”.
إلى ذلك، قال سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للقطارات بأن “البرنامج الوطني للسكك الحديدية يعزز النمو الاقتصادي ويسهم في تحقيق نقلة نوعية في منظومة النقل تكون أكثر كفاءة واستدامة تلبي متطلبات الخمسين القادمة وتواكب التطور المتسارع الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات”، لافتاً سموه إلى أن “حرص القيادة الرشيدة على الاستثمار في تأهيل الكفاءات الوطنية من أهم محفزات تطوير البرنامج الوطني للسكك الحديدية.. نسعى من خلال هذه الكفاءات إلى بناء منظومة سكك حديدية ستكون من بين الأكثر تطوراً وتقدماً في العالم”.
تأهيل الكوادر الوطنية
في هذا السياق، قال المهندس شادي ملك الرئيس التنفيذي لشركة الاتحاد للقطارات: “يشرف على مشروع قطار الاتحاد كفاءات وطنية تحمل خبرات استثنائيةفي قطاع حديث نسبياً للدولة، جمعتها خلال تطوير المرحلتين الأولى والثانية”، مؤكدا بالقول: “سيستمر مشروع قطار الاتحاد في تأهيل الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة قطاع السكك الحديدية في المستقبل، وتمكينهم بالمعارف والخبرات والمهارات العلمية الضرورية، والتي يمكنها أيضاً خدمة القطاعات الأخرى”، لافتاً بالقول: بأن البرنامج الوطني للسكك الحديدية سوف يساهم في توفير أكثر من 9000 وظيفة في السكك الحديدية والقطاعات الداعمة بحلول عام 2030.
وحول إطلاق خدمات السكك الحديدية للركاب أكد ملك بأن قطار الاتحاد للركاب سيعزز روح التواصل والتكافل بين سكان دولة الإمارات من أقصاها إلى أقصاها، حيث سيكون بإمكانهم التنقل بين العاصمة ودبي خلال 50 دقيقة فقط، وبين العاصمة والفجيرة خلال 100 دقيقة فقط.
من ناحيتها، قالت المهندسة خلود المزروعي نائب مدير المشروع في الاتحاد للقطارات: “قطار الاتحاد يتكامل مع وسائل النقل الحضرية في الدولة، ويدعم توفير منظومة شاملة للنقل العام، لينقل دولة الامارات للصدارة في مجال البنية التحتية”، ولفتت المزروعي إلى حيث شملت هذه المرحلة تحقيق العديد من النتائج المبهرة، من بينها: العمل على بناء منظومة نقل تشغيلية بالسكك الحديدية من الصفر بالكامل، بالإضافة إلى نقل 30 ألف طن من الكبريت يومياً بدلاً من 5 آلاف عن طريق الشاحنات الأمر الذي ساهم في احتلال الإمارات مركز الصدارة عالمياً في تصدير الكبريت، كما تم الاستغناء عن 2.5 مليون رحلة بالشاحنات، ما يعني رفع مستوى السلامة على الطرقات وتخفيض تكلفة الصيانة وتقليل انبعاثات أكسيد الكربون.
ثلاثة مشاريع استراتيجية
يهدف البرنامج الوطني للسكك الحديدية إلى رسم خارطة طريق جديدة في دولة الإمارات لنقل البضائع والركاب على متن القطارات، بما يساهم في تطوير منظومة نقل بري مستدامة، في إطار دعم التنمية الاقتصادية المستدامة في القطاعات البيئة والصناعية والسياحية في الدولة، وبما يعمل على توطيد الروابط بين مختلف إمارات الدولة وتعزيز منظومة الرفاه المجتمعي.
وسوف يوفر البرنامج الوطني للسكك الحديدية استثمارات بقيمة 50 مليار درهم، تستهدف 70% منها السوق المحلي، كذلك، سيساهم البرنامج الوطني للسكك الحديدية في تقليل ما نسبته 70-80% من انبعاثات الكربون مقارنة بوسائل النقل الأخرى، بما يدعم جهود دولة الإمارات في الحفاظ على البيئة وتحقيق هدفها في الحياد المناخي.
وتتمثل أبرز ملامح البرنامج الوطني للسكك الحديدية في ثلاثة مشاريع استراتيجية؛ الأول هو خدمات السكك الحديدية للبضائع، الذي يشمل تطوير شبكة “قطار الاتحاد”. ومن أهم ملامح هذا المشروع أنه سوف يربط 4 موانئ رئيسية، كما سيتضمن بناء 7 مراكز لوجستية في الدولة تخدم مختلف القطارات والأعمال. وسوف يبلغ حجم النقل 85 مليون طن من البضائع بحلول العام 2040. كما سيقلل تكاليف النقل بما يصل إلى 30%.
ويشمل المشروع الثاني إطلاق خدمات السكك الحديدية للركاب، حيث سيعمل قطار الركاب على تعزيز روح التواصل بين سكان الدولة من خلال الربط بين 11 مدينة في الدولة من السلع للفجيرة، منطلقاً بسرعة 200 كم/ الساعة. وبحلول العام 2030، سوف يتيح القطار لأكثر من 36.5 مليون راكب سنوياً فرصة التنقل بين أطراف الدولة، من أقصاها إلى أقصاها.
أما المشروع الثالث فهو خدمة النقل المتكامل والذي سيتضمن إنشاء مركز الابتكار في قطاع النقل والذي سيعمل على ربط القطارات بشبكات من القطارات الخفيفة وحلول النقل الذكية داخل المدن لتكون بديلاً متكاملاً يخدم جميع سكان الدولة وزوّارها، وإنشاء تطبيقات وحلول ذكية لتخطيط وحجز الرحلات، وتحقيق التكامل بين العمليات اللوجستية وخدمات الموانئ والجمارك، وتقديم حلول لوجستية متكاملة للميل الأول والأخير.
من خلال البرنامج الوطني للسكك الحديدية، سوف يتم تطوير منظومة نقل شاملة ومتكاملة تفتح آفاقاً تنموية وفرصاً اقتصادية ثمينة تصل قيمتها إلى 200 مليار درهم؛ حيث سيبلغ مجموع الفوائد المقدرة لتخفيض الانبعاثات الكربونية 21 مليار درهم، كما سيتم توفير 8 مليارات درهم من كلفة صيانة الطرق، بالإضافة إلى تحقيق فوائد سياحية تقدر قيمتها بنحو 23 مليار درهم خلال الـ50 عاماً المقبلة، كما ستبلغ قيمة الفوائد العامة على اقتصاد الدولة 23 مليار درهم.
ويترجم البرنامج الوطني للسكك الحديدية رؤية القيادة الرشيدة التي وضعت قطاع النقل البري في الدولة في صدارة تطوير البنية التحتية للدولة منذ سنوات التأسيس، ضمن خطط واستراتيجيات عملت على الارتقاء بكفاءة هذا القطاع الحيوي، وتعزيز تنافسيته.
ويعزز البرنامج الوطني للسكك الحديدية من البنية التحتية لقطاع النقل عبر تطوير شبكة السكك الحديدية الوطنية، لتكون محوراً أساسياً في الخطط الوطنية للتطوير والتحديث والتخطيط الحضري.
وتتكامل مشاريع البرنامج الوطني للسكك الحديدية مع وسائط النقل الحضرية في مختلف إمارات الدولة لتوفير منظومة شاملة للنقل العام تتمتع بأعلى معايير الكفاءة والتنافسية، بما يرسخ مكانة دولة الإمارات بين الدول المتقدمة على صعيد قطاع النقل، كما يحقق تكامل العمليات اللوجستية مع خدمات الموانئ والجمارك في الدولة.
كذلك، يدعم البرنامج الوطني للسكك الحديدية مختلف المستهدفات الحكومية في العديد من القطاعات الحيوية خاصة الصناعية والتجارية.
قطار الاتحاد
كمشروع استراتيجي حيوي، يشكل “قطار الاتحاد” نقلة نوعية في منظومة النقل في الإمارات، ضمن رؤية تكاملية تشمل نقل البضائع والركاب. وسوف يربط القطار إمارات الدولة فيما بينها كافة، كما سيربط دولة الإمارات بالمملكة العربية السعودية عبر مدينة “الغويفات” في الغرب والفجيرة في الساحل الشرقي، ليشكّل بذلك جزءاً حيوياً من شبكة التوريد الإقليمية، وحركة النقل التجارية على مستوى العالم،
وقد تم استكمال المرحلة الأولى من قطار الاتحاد وتشغيله وانطلاق عملياته التجارية في أواخر العام 2016. وانطلقت الأعمال الإنشائية من المرحلة الثانية لمشروع “قطار الاتحاد” في أوائل العام 2020، الذي سيغطي مساحة جغرافية متنوعة التضاريس، وسط الصحراء والبحر والجبال، ضمن مخطط هندسي واسعي النطاق يشمل بناء جسور وأنفاق بما يضمن تحقيق أعلى درجات الانسيابية لحركة مرور المركبات تحت مسارات الشبكة الحديدية.
ويتواصل العمل على المرحلة الثانية من قطار الاتحاد ضمن وتيرة متسارعة، تم خلالها الانتهاء من 70 في المئة من المشروع خلال أقل من 24 شهراً، رغم ظروف جائحة كوفيد-19 الصحية العالمية وعطلت النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم، حيث يحظى المشروع بدعم 180 جهة وهيئة حكومية وخدمية ومطور وشركة مساهمة، وتم استصدار أكثر من 40 ألف شهادة موافقة وعدم ممانعة.
وهناك أكثر من 27 ألف خبير ومختص وعامل يعملون في أكثر من 3000 موقع بناء منتشرة في جميع أنحاء الإمارات أنجزوا حتى الآن 76 مليون ساعة عمل، باستخدام أكثر من 6000 آلية ومعدة.
تعزيز الرفاه المجتمعي
على الصعيد الوطني والإنساني، يشكل البرنامج الوطني للسكك الحديدية من عوامل ترسيخ الرفاه المجتمعي في دولة الإمارات، إذ يلامس البرنامج حياة السكان في الدولة على نحو مباشر، من خلال الارتقاء بمستويات المعيشة عبر تسهيل حركة النقل وجعلها منظومة النقل العام في الدولة أكثر كفاءة وفاعلية، وتسهيل تنقل سكان الإمارات بين مخلف مناطقها بسرعة وكفاءة وراحة وبكلفة مناسبة، بالإضافة إلى تعزيز روح الترابط والتلاحم بين مختلف مناطق دولة الإمارات من خلال ربطها بشبكة سكك حديدية حديثة عالمية المستوى توفر خدماتها لمختلف مناطق الدولة.