أبوظبي، نبزنس نيوز: أصدر صندوق النقد العربي اليوم تقريراً مشتركاً مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة (ESG) لدى صناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية. يعتبر هذا التقرير ثمرة جهود التعاون المشتركة لصندوق النقد العربي مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أجل تشجيع ودعم الدول العربية لتحقيق أبعاد التنمية المستدامة (SDGs) من خلال إدراج المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة في القرارات الاستثمارية وفي إطار عمل صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية.
تعتمد نتائج التقرير على تحليل عميق في ضوء التواصل المكثّف مع وزارات المالية وصناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية، من خلال استبيان وُزّع على الدول العربية لتقييم مدى إدماج صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية للقضايا البيئية والمجتمعية والحوكمة، بما يجعل هذه الصناديق تساهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة لعام 2030 الخاصة بالتنمية المستدامة.
يساعد هذا التقرير في إمكانية قياس مدى التقدّم الذي أحرزته صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية من خلال إدراج أبعاد المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة، وجوانب زيادة المواءمة بين مسؤولياتهم الائتمانية، وتحديد الأولويات لتعظيم العوائد وتقليل المخاطر المالية، من خلال دمج أبعاد المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة في قراراتهم الاستثمارية، والعمل على الحفاظ بنفس الوقت على قيمة الأصول على المدى الطويل.
استند التقرير إلى مصفوفة تم بناؤها على مستوى كل صندوق تقاعد، حيث تم تقييم وضعية كل صندوق على أربعة مستويات. اهتم المستوى الأول بوجود معارف أساسية حول الموضوع، فيما ركز المستوى الثاني على وجود استراتيجية تدمج قضايا المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة. أما المستوى الثالث فتعلّق بالمشاركة الفعّالة داخلياً وخارجياً في هذه القضايا. أخيراً تمحور المستوى الرابع حول الإنجاز النشط والعميق لقضايا المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة. تمت عملية تقييم صناديق التقاعد والمعاشات على المستويات الأربعة المذكورة وفق أبعاد أساسية بما فيها المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة وإدارة تغيّرات المناخ.
يُظهر التقرير أن مواءمة أنشطة صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية للمعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة ما زالت في مرحلة الإعداد، حيث اتخذت العديد من الصناديق خطوات تحضيرية مهمة لمواءمة استثماراتها مع هذه المبادئ، فيما بدأت بعض الصناديق الأخرى بالتفكير بهذا الاتجاه. يوضح التقرير أن معظم صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية التي شملتها الدراسة، على دراية بالعوامل البيئية والمجتمعية والحوكمة وأهداف التنمية المستدامة، وهناك عدداً منها قد أحرز تقدماً في تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة.
قدّم التقرير مجموعة من التوصيات، التي تركّز على الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومات والهيئات التنظيمية، وصناديق التقاعد والمعاشات، والمنظمات العالمية والإقليمية، ومستشاري صناديق التقاعد والمعاشات، لإدراج قضايا المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة، وأهداف التنمية المستدامة ذات الارتباط الوثيق بصناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية. بيّن التقرير أن من الأمور الأخرى التي ينبغي اتخاذها في هذا الإطار، اعتماد معايير الإبلاغ المعترف بها دولياً، ومراجعة اللوائح الوطنية، وتطوير القدرة الداخلية لاعتماد المعايير وتعزيز أنظمة إدارة التأثير الداخلية، وتحسين الشفافية والإفصاح، والمشاركة في الشبكات الإقليمية، ومواءمة المقاييس والمؤشرات ذات الصلة. يظهر التقرير أن صناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية، تسعى إلى زيادة التوافق مع المبادئ البيئية والمجتمعية والحوكمة.
في هذا الإطار، يتطلع صندوق النقد العربي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمساعدة في مشاركة خبراتهم وتشجيع مجهودات صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية على تطبيق المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة في ظل التحديات المتعلقة بالمنطقة العربية، وتطوير حزم الإصلاحات الخاصة بكل دولة من خلال التعاون مع السلطات المحلية للبلد في هذا المجال.
في هذه المناسبة، تحدث معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي:
“يكتسب موضوع التنمية المستدامة والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، أهمية متزايدة في جدول أعمال صانعي السياسات في المنطقة العربية وجميع الأطراف والمؤسسات المعنية. نتطلع أن تساهم نتائج التقرير في ضوء الاهتمامات المتزايدة من قبل صنّاع القرار في المنطقة العربية، في تحقيق المزيد من التطوير في مجال المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة والاستدامة لدى صناديق التقاعد والمعاشات في المستقبل القريب، لتوجيه الاستثمارات إلى الأصول ذات القيمة البيئية والاجتماعية والحوكمة العالية. نولي في هذا الصدد في صندوق النقد العربي، أهمية كبيرة لتعزيز سياسات التمويل والاستثمار التي تدعم الانتقال إلى اقتصاد مستدام بما يخدم بناء مستقبل مزدهر للمجتمع وقطاع الأعمال”.
من جانبها، أضافت السيدة خالدة بوزار، مديرة المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية، “على الرغم من التقدم المهم الذي أحرزته بعض صناديق التقاعد والمعاشات في الدول العربية، يمكن لهذه الصناديق أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع تقديم مهمتها الأساسية لأعضائها. هناك حاجة لتجاوز التركيز الأولي الحالي على القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة، والتوجّه نحو التوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في القرارات الاستثمارية”.