- المنطقة تدخل مرحلة النمو في مجال التطوير الذكي باستثمارات تبلغ مليارات الدولارات
- دولة الإمارات والسعودية تبرزان بصفتهما نموذجين ناجحين في مجال الابتكار مع استثمارات متوقعة بقيمة 50 مليار دولار أمريكي في المدن الذكية
- مؤتمر المدن المستدامة يسلط الضوء على منهجية التخطيط الرئيسية عالي التقنية في سلطنة عُمان
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة – 2 يناير 2025: تحظى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكانة رائدة في تبني مفهوم المدن المستدامة، مدفوعةً بمبادرات طموحة، خصوصاً في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية. وفي ضوء تزايد عدد السكان في المنطقة والتوقعات بتوجه 60% منهم نحو العيش في المناطق الحضرية بحلول عام 2030، تسعى دول المنطقة إلى مواكبة هذه التوجهات من خلال الاستثمارات الطموحة في التنمية الحضرية الذكية والمستدامة.
وتقود دولة الإمارات هذا التوجه من خلال مجموعة من المشاريع التقدمية، مثل مدينة مصدر، وهي مركزٌ للتقنيات النظيفة والتصميم المستدام؛ ومطار زايد الدولي، الذي يقوم على بنية تحتية ذكية تعمل على تعزيز الكفاءة. كما ترتقي المشاريع الضخمة في السعودية بالمشهد الحضري من خلال الابتكارات الذكية والصديقة للبيئة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال محمد البريكي، المدير التنفيذي للتنمية المستدامة في مدينة مصدر:“تتمتع مدينة مصدر بمكانة رائدة في مجال التنمية الحضرية المستدامة منذ أكثر من 15 عاماً، مما يعكس التزام دولة الإمارات ببناء مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية. ويتجلى التزامنا الراسخ بالابتكار والاستدامة من خلال مجموعة من مشاريع الطاقة الخالية من الكربون وتلك المبتكرة مثل مجمّع مدينة مصدر وذا لينك. وتوفر المنطقة الحرة في مدينة مصدر بيئة سلسة لمختلف أنشطة الأعمال، وتعزز التجمعات الصناعية عالية التأثير التعاون والابتكار على صعيد القطاعات الرئيسية، مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة وعلوم الحياة والتكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا الفضاء والتنقل الذكي. ونفخر بقدرتنا على تمكين الشركات والمبتكرين لرسم ملامح مستقبل المدن المستدامة، وتحويل الأفكار الجريئة إلى حلول فعالة على أرض الواقع”.
وتبرز هذه التطورات على رأس برنامج القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 التي تستضيفها شركة مصدر في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بين 14 و16 يناير، وذلك في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025. وخلال مؤتمرها ومعرضها المخصصين للمدن المستدامة، تسلّط القمة الضوء على إمكانات المدن الذكية والتقدم الذي أحرزته المنطقة في مجال التنمية الحضرية.
ويُعقد المؤتمر بالتزامن مع الاستثمارات الإقليمية النوعية في مجال المدن الذكية. وأفادت مؤسسة الأبحاث فروست آند سوليفان بأن دولة الإمارات والسعودية تعتزمان استثمار 50 مليار دولار أمريكي في مشاريع المدن الذكية بحلول عام 2025، إذ تبحث المنطقة بصورة مستمرة عن حلول مبتكرة لإدارة موارد الطاقة بشكلٍ أفضل.
وتبرز العاصمة الإماراتية أبوظبي بوصفها نموذجاً يُحتذى به في مجال الابتكار، فهي تطبّق نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ الذي وضعه برنامج استدامة الرائد في هذا المجال ومنهجيتها في تصميم المباني، اللذين يشكلان جزءاً محورياً من رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030. كما أنها تندرج ضمن أفضل 10 مدن ذكية في مؤشر المدن الذكية لعام 2024، وهي المدينة الوحيدة المدرجة في القائمة من الشرق الأوسط. وعلى صعيد دبي، فإنها تحرص على مواكبة أجندتها مع أحدث التطورات، وهو ما يتجلى في ممشى دبي، المبادرة الطموحة الرامية إلى تحويل الإمارة إلى وجهة فريدة للتنزه، من خلال شبكة متكاملة من الممرات الهادفة إلى زيادة حركة المشاة إلى 25% بحلول عام 2040.
كما يسلط مؤتمر المدن المستدامة الضوء على مدينة مصدر، بالإضافة إلى المشاريع الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة، ومنها محطة نور أبوظبي، ومحطة براكة للطاقة النووية. ويجري المؤتمر دراسة تحليلية مفصّلة حول التنمية الحضرية التي تعتمد على معايير المسؤولية البيئية والمجتمعية والحوكمة. وتهدف المدينة إلى تخفيض استهلاك الطاقة بما يعادل إزالة 807 مركبة تعمل بالبنزين من الطرقات سنوياً، بالإضافة إلى توفير كميات من المياه سنوياً تعادل ملء 17 مسبحاً أولمبياً، وإعادة تدوير ما نسبته 57% من النفايات الناتجة عن العمليات التشغيلية.
وتتطرق الجهات المشاركة أيضاً إلى التقدم المحرز في مساعي تحقيق جوانب الاستدامة لرؤية السعودية 2030. وحددت الاستراتيجية الوطنية الشاملة أهدافاً واضحة لإقامة مدن ذكية، وذلك تماشياً مع التوسع الحضري المتسارع الذي تشهده المملكة. وجرى اختيار 17 مدينة، تُمثل 72% من إجمالي السكان، لتنفيذ مشاريع مدن ذكية، مع مبادرات حالية في كلٍ من الرياض، ومدينة ينبع الصناعية، ومكة المكرمة، وجدة، والمدينة المنورة، والأحساء، إضافة إلى مدينة نيوم، المدينة الذكية والصديقة للبيئة، والتي تمتد على مساحة قدرها 26,500 متر مربع، ويُتوقع لها أن تكون مدينة خالية من السيارات والانبعاثات الكربونية، وتعتمد على الطاقة النظيفة في تشغيلها.
وتعمل كلٌ من سلطنة عُمان ودولة قطر على تطوير مدن ذكية حديثة. ففي قطر، ستشمل مدينة لوسيل مباني مصنّفة وفقاً لنظام تقييم الاستدامة العالمي، بالإضافة إلى مساحات خضراء، ونظام متكامل لجمع النفايات، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتبريد المناطق، مع خدمات ذكية مدعمة بمركز قيادة وتحكم؛ بينما تخطط سلطنة عُمان لإنشاء مدينة السلطان هيثم، وهي مدينة حضرية تعتمد على البيانات، تمتد على مساحة 14.8 كيلومتر مربع، وتهدف إلى استيعاب 100 ألف ساكن خارج مدينة مسقط. وتنسجم هذه المدينة مع رؤية عُمان 2040، حيث تولي اهتماماً كبيراً للاستدامة من خلال إنشاء محطات لتحويل النفايات إلى طاقة، ومنشآت للطاقة الشمسية، وهياكل مصمّمة لتوفير الظل.
ومن جانبها، قالت لين السباعي، المديرة العامة لشركة آر إكس الشرق الأوسط ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل: “ينصبّ تركيز مؤتمر المدن المستدامة على استعراض أوجه التقدم المُحرز، بالتوازي مع تعزيز الابتكار وإرساء الشراكات اللازمة لإنشاء بيئات حضرية مصممة لمواجهة تحديات المستقبل. كما سيُجرى بحث مفصل يتناول الازدياد المستمر في استخدام التقنيات الذكية، سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، في مجالات مثل رفع كفاءة استهلاك الطاقة، وإدارة النفايات على نحوٍ فعال، ووضع التصاميم المقاوِمة لتغيرات المناخ”.
ويجمع المؤتمر قادة الحكومات، وخبراء تخطيط المدن، والمبتكرين في مجال التكنولوجيا، وخبراء الاستدامة، ورواد التنقل، والمبتكرين في القطاع الخاص لمناقشة سبل تحويل المدن من خلال الممارسات والتقنيات الذكية والمستدامة، وبحث دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحقيق هذه الأهداف.
وتركز الجلسات الحوارية المتخصصة على مرونة المجتمعات وقدرتها على الصمود في مواجهة الأحداث القاسية، ومنح الأولوية لجودة الحياة، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء مبانٍ ذكية في المجتمعات المستقبلية. وتشمل قائمة المتحدثين الدكتور إيونيس سبانوس، نائب رئيس الاستدامة في مدينة إكسبو دبي؛ وكاميلو سيرو، أستاذ الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي في الجامعة الأمريكية في الشارقة؛ وديما السروري، خبيرة التخطيط الحضري لدى مكتب رئيس وأمين عام اللجنة العليا للتخطيط الحضري في المملكة العربية السعودية؛ وفرح ناز، مديرة الشؤون البيئية والاجتماعية والحوكمة والابتكار في شركة إيكوم؛ وماريو صعب، رئيس قسم الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة كوندال؛ والدكتورة جاسينتا دا سيلفا، مديرة البحوث والمختبر الحي والشراكات الدولية في معهد سي إنستيتيوت؛ ورامي الزعتري، مستشار الاستدامة والسياسات العامة – الحكومات المحلية الاسكتلندية في جامعة غلاسكو؛ وإسماعيل أوزنك، نائب الرئيس المشارك في شركة سيمنز أدفانتا للاستشارات.
ويقدم قاسم الحراصي، رئيس تخطيط مسقط الكبرى بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني في سلطنة عُمان، عرضاً حول منهجية التخطيط الحضري عالي التقنية التي تتبناها مسقط.
وتشكل المدن المستدامة أحد المسارات السبعة الرئيسية للمؤتمر الذي يُعقد ضمن فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025. وتتناول هذه المسارات بشكل مفصل جميع جوانب منظومة للطاقة. كما تتيح للزوار والوفود والجهات العارضة فرصة التعرف على رؤى معمقة حول آخر المستجدات والتطورات التي تؤثر في عدة مجالات، وهي الطاقة الشمسية والطاقة النظيفة، والمياه، والنفايات الصديقة للبيئة، والتمويل الأخضر، والتنقل الكهربائي، إضافةً إلى استعراض آليات ضبط معدّل ارتفاع حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.