تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMEs) عصب الاقتصادات في الشرق الأوسط، حيث تمثل 90% من إجمالي الشركات وتوظف الملايين. ومع ذلك، ظل نموها مقيداً لعقود بسبب عائق رئيسي: صعوبة الوصول إلى التمويل.
في الماضي، كانت البنوك تفضل التعامل مع الشركات الكبرى، مما جعل المشاريع الصغيرة تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على القروض. لكن خلال السنوات الأخيرة، بدأ التحول – مدفوعاً بتوجيهات حكومية وابتكارات رقمية وإدراك أن هذه المشاريع هي مفتاح التنويع الاقتصادي.
لم تعد البنوك مجرد مقرضة للأموال، بل أصبحت شريكاً في النمو لهذه المشاريع. من منتجات القروض المخصصة إلى الحلول المصرفية الرقمية، نشهد تحولاً جذرياً في دعم المؤسسات المالية.
في الإمارات، نرى ريادة واضحة في مجال الخدمات المصرفية الرقمية. حيث يقدم تطبيق “بنك الأعمال” من “إمارات NBD” قروضاً فورية، بينما يوفر “نيوبيز” من “مشرق” إجراءات افتتاح حسابات دون أوراق. كما أطلق “بنك دبي الإسلامي” حلولاً تمويلية متوافقة مع الشريعة خصيصاً للمشاريع الصغيرة.
لكن التغيير الحقيقي جاء مع ضمانات الحكومة. حيث يغطي “مصرف الإمارات للتنمية” الآن 50% من مخاطر قروض المشاريع الصغيرة، مما شجع البنوك الخاصة على الإقراض بشكل أكبر.
أما في السعودية، فإن القطاع المصرفي يتماشى مع أهداف “رؤية 2030” لرفع مساهمة المشاريع الصغيرة إلى 35% من الناتج المحلي. يقدم “البنك الأهلي السعودي” قروضاً بفائدة منخفضة للشركات الناشئة، بينما يضمن برنامج “كفالة” من “بنك الرياض” 85% من قروض المشاريع الصغيرة. كما نشهد ازدهاراً في التمويل الرقمي عبر “STC باي” و”البنك الرقمي السعودي” الذي يوفر قروضاً صغيرة فورية.
ما التحديات المتبقية؟
رغم التقدم، لا تزال العديد من المشاريع تواجه متطلبات ضمان عالية وإجراءات موافقة بطيئة. كما أن بعض البنوك ما زالت متحفظة في التعامل مع الشركات الناشئة مقارنة بالشركات الكبرى.
في رأي، المستقبل الاقتصادي للمنطقة يعتمد على المشاريع الصغيرة – وعلى البنوك أن تضعها في أولوياتها.