تقرير خاص أعده قسم الدرسات في بزنس نيوز
دخل الذكاء الاصطناعي (AI) السباق العالمي المحموم لانشاء المدن الذكية التي تعتبر الحل الأمثل لاستيعاب الزيادة السكانية الهائلة والتي تهدد المجتمعات اذا لم يتم تداركها وخاصة في المدن التي أصبحت وفقًا لتقرير الأمم المتحدة للتوقعات السكانية العالمية لعام 2021، فإن نسبة السكان العالمي الذين يعيشون في المدن بلغت 56.2٪ في عام 2020، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 68٪ بحلول عام 2050، وحوالي 68٪ من السكان العالميين من المتوقع أن يعيشوا في المدن بحلول عام 2050.
ولم يكن خيار التوجه إلى المدن الذكية في هذا القرن خيار ترف تنموي بل كان أمراً حتمياً فرضته التغيرات الديموغرافية والثورة التكنولوجية نفسها على العالم واكتظَّت المدن بالسكان مصحوبة بمتطلبات تنموية متزايدة لتلبية احتياجات العيش فيها؛ لذا يُنظر للمدن الذكية بمثابة الحل الأمثل التي يعوّل عليها في تبنّي سياسات ومخططات مُدن تضم مجتمعات بشرية ضخمة في بيئة أكثر تطورًا وابتكارًا وصديقة للبيئة مرتكزة على مزيج تنموي يجمع ما بين رأس المال البشري والاجتماعي والبنية الرقمية والمعلوماتية.
الذكاء الاصطناعي ومدن المستقبل
يعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) أحد التقنيات الرئيسية التي ستساعد في تطوير المدن الذكية في المستقبل. فهو يوفر القدرة على جمع البيانات وتحليلها واستخدامها لاتخاذ القرارات وتحسين خدمات المدينة ومن بين الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تطوير المدن الذكية في المستقبل:
1- إدارة النقل الذكي: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلل بيانات حركة المرور ويوفر توجيهات دقيقة لتحسين التدفق المروري والحد من الاختناقات. ويمكن أيضًا استخدامه لتطوير نظام النقل العام الذكي وتحسين خدمات النقل العام.
2- الحكومة الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المواطنين وتحديد احتياجاتهم وتحسين خدمات الحكومة المحلية. ومن الممكن استخدامه في توفير خدمات المدينة بشكل أكثر فعالية، مثل إدارة النفايات والماء والكهرباء.
3- الأمن الذكي: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الأمن والجريمة وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تعزيز الأمن، كما يمكن استخدامه في الكشف المبكر عن التهديدات الأمنية والحد منها.
4- الصحة الذكية: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية وتحديد الأمراض والأوبئة وتوجيه السلطات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة. كما يمكن استخدامه في تطوير حلول صحية ذكية، مثل الروبوتات الجراحية والتشخيص الذاتي.
أبرز المعايير التي تتمتع بها المدن الذكية
يمكن تقييم السباق لإنشاء المدن الذكية عن طريق النظر في عدة عوامل، بما في ذلك:
1- التخطيط الجيد: يجب أن يتم التخطيط الجيد للمدينة الذكية بشكل مسبق، مع تحديد الأهداف والرؤية الواضحة، ومعرفة كيفية تحقيق هذه الأهداف.
2- البنية التحتية الذكية: يجب أن يتم تصميم البنية التحتية لتدعم الذكاء الاصطناعي والإنترنت من الأشياء وغيرها من التقنيات الحديثة، وضمان توافرها في جميع أنحاء المدينة.
3- الحوكمة الذكية: يجب وضع خطط لتنظيم الحكومة الذكية وتوظيف التقنيات الحديثة لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وجعل الإدارة أكثر كفاءة.
4- الخدمات الذكية: يجب توفير الخدمات الذكية المبتكرة مثل خدمات النقل العام والتسوق عبر الإنترنت والرعاية الصحية والتعليم والأمن والترفيه.
5- المشاركة المجتمعية: يجب أن يشمل تصميم المدينة الذكية مشاركة المجتمعات المحلية والسكان، والعمل على إشراكهم في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتصميم المدينة وتطويرها.
6- الاستدامة: يجب أن تكون المدينة الذكية مستدامة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً، ويجب أن يتم تصميمها بطريقة تحد من التلوث وتحسن جودة الحياة للسكان.
المدن الأكثر ذكاء في العالم
هناك العديد من المدن في جميع أنحاء العالم التي تستخدم التكنولوجيا والبيانات لتحسين حياة سكانها وزوارها، ومن الممكن تحديد المدن الأكثر ذكاءً بناءً على عدة معايير، بما في ذلك:
1- الحكومة الذكية: تشمل هذه المعايير الخدمات الذكية والحوكمة والتشريعات والسياسات الذكية.
2- النقل الذكي: يشمل ذلك التكنولوجيا المستخدمة في النقل العام والخاص والركاب.
3- الطاقة الذكية: تشمل هذه المعايير الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الذكية المستخدمة في توفير الطاقة.
4- الحياة الذكية: يشمل ذلك الصحة والتعليم والأمن والرعاية الاجتماعية والترفيه.
وفيما يلي بعض الأمثلة على المدن الأكثر ذكاءً في العالم، وفقًا لتصنيفات مختلفة:
1- مدينة سيدني، أستراليا. 2- مدينة طوكيو، اليابان. 3- مدينة باريس، فرنسا. 4- مدينة سيئول، كوريا الجنوبية. 5- مدينة سنغافورة. 6- مدينة نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية. 7- مدينة هونغ كونغ، الصين. 8- مدينة لندن، المملكة المتحدة. 9- مدينة دبي، الإمارات العربية المتحدة. 10- مدينة برشلونة، إسبانيا.
يجب الانتباه إلى أن هذه القائمة لا تشمل كل المدن الذكية في العالم، ويمكن أن تختلف تصنيفات المدن الأكثر ذكاءً بناءً على المعايير المختلفة المستخدمة في التصنيف وتقوم المدن الذكية على نموذجين مختلفين وفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا”، الأول: الحقل البني Model Brownfield الذي تحدث فيه عملية التحول للمدن الذكية على مدن تقليدية قائمة، والثاني: الحقل الأخضرModel Greenfield الذي تُنشأ فيه مدن جديدة على أرض بيضاء، واتجهت الدول العربية إلى تبنّي نموذج الحقل الأخضر مثل: المملكة، والإمارات، والكويت، وقطر، ومصر، ومنها من نفذ نموذج الحقل البني لحل مشاكل التوسع الحضري والاستدامة القائمة وتقديم أنواع مختلفة من الخدمات الذكية لمواطنيها كما جرى في مدن: جدة، والرياض، ودُبي، وعُمان، ومسقط.
“ذا لاين” نموذج لمدن المستقبل
تصدرت المدن الذكية استراتيجيات الدول الخليجية لبناء بيئة مستدامة للإنسان الخليجي بخلاف المدن القائمة مثل : “نيوم” التي تعد أحدث النماذج العصرية للمدن الإدراكية Cognitive Citiesفي العالم التي تمثل الجيل القادم من المدن الذكية في مجتمعات معززة تقنيًا ومستدامة رقمياً من أجل توفير معيشة استثنائية والارتقاء بجودة حياة السكان ومواصلة تحسينها إلى جانب دعم قطاع الأعمال.
علاوة على “نيوم” أطلقت المملكة عددًا من مشاريع المدن الذكية الطموحة التي كان محورها الإنسان والبيئة ساعية إلى دمج أحدث الابتكارات التقنية في تصاميمها وبنيتها التحتية لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، بيد أن “ذا لاين” برز كمشروع سعودي عالمي في تصميم الحياة الحضرية وفي كيفية تخطيط المدن إلى الـ150 سنة القادمة وفي تطويع المملكة لحلول الذكاء الاصطناعي .
زيادة معدل الاستثمار في المدن الذكية
إضافة لما سبق، فإن حجم سوق المدن الذكية في العالم يتزايد باستمرار مع تبني المزيد من الدول والشركات للتكنولوجيا الذكية في تحسين الحياة الحضرية. وفقًا لتقرير صادر عن شركة MarketsandMarkets في عام 2021، فإن حجم سوق المدن الذكية في العالم قد بلغ 450 مليار دولار أمريكي في عام 2020، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب (CAGR) يبلغ 22.9٪ من عام 2020 إلى عام 2026، حيث سيصل إلى 1350 مليار دولار أمريكي في عام 2026.
ويشمل هذا الحجم المتوقع لسوق المدن الذكية مجموعة واسعة من المجالات والتطبيقات، بما في ذلك النقل الذكي والإضاءة الذكية والبناء الذكي وإدارة الموارد المائية والطاقة الذكية وغيرها من التطبيقات الذكية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة والاستدامة البيئية في المدن. ومن المتوقع أن تعزز الحكومات والشركات الاستثمار في تقنيات المدن الذكية هذا النمو المتوقع في حجم السوق في المستقبل.