دبي، بيزنس نيوز: تأكيدًا على التزام الدولة بخدمة أهداف المنظمة، وتطوير الصناعة البحرية على مستوى العالم وزيادة تنافسيتها، شاركت دولة الإمارات مؤخراً في اجتماعات اللجنة القانونية في المنظمة البحرية الدولية في دورتها (109)، وذلك لمناقشة أهم القضايا المتعلقة بالقطاع البحري وأفضل الممارسات العالمية المتبعة. تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة دورًا فاعلاً في تطوير الاستراتيجيات والسياسات البحرية، ووضع المعايير التي تنظم عمل القطاع البحري، وتعزز التشريعات واللوائح البحرية بما يخدم قطاع الشحن والتجارة الدولية، من خلال التعاون الوثيق مع الدول الأعضاء في المنظمة.
وتتبوأ دولة الإمارات مسؤولية كبيرة في هذا الصدد منذ انضمامها لمجلس المنظمة البحرية الدولية في الفئة ب في العام 2017، وتجديد عضويتها للمرة الثالثة على التوالي، حيث حازت في انتخابات المنظمة البحرية الأخيرة التي تم تنظيمها في شهر ديسمبر 2021 على أعلى عدد من الأصوات، ما يعكس الثقة الكبيرة من أعضاء المنظمة بالدور الذي يمكن أن تقوم به دولة الإمارات في الصناعة البحرية، والتي أثبتت أن لديها ما تقدمه بخبراتها النوعية التي يمكن أن ترتقي بهذا القطاع.
حول هذا الدور قال سعادة المهندس حسن محمد جمعة المنصوري، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل: “في حين أن غالبية دول العالم تصنف على صعيد مقوماتها البحرية كدولة علم، أو دولة ميناء، أو دولة ساحل، فإن دولة الإمارات تجمع بين تلك المقومات جميعها. فعلم الدولة يعتبر نموذجًا للالتزام بالاتفاقات البحرية والمعاهدات الدولية، وموانئ الدولة تعتبر من بين أكبر وأفضل الموانئ على مستوى العالم، وتمتد سواحلنا لأكثر من 160 كلم، تضم 230 جزيرة تمثل موطنًا للعديد من الأحياء المائية المهددة بالانقراض. وبذلك فإننا قادرون على تقديم الكثير من الأفكار والرؤى التي ترتقي بالصناعة البحرية الدولية، ونفخر بما نمتلكه من خبرات مرموقة لأبناء دولة الإمارات، الذين يضاهون بمعارفهم وقدراتهم أفضل الكفاءات البحرية دوليًا.”
وأضاف المنصوري: “تسهم مشاركة الدولة في اجتماعات اللجنة القانونية في المنظمة البحرية الدولية في توفير القيمة المضافة للمناقشات، وتعزيز لوائح السلامة والأمن البحري، ودعم معالجة القضايا التي تهم المجتمع البحري العالمي، فدولة الإمارات تستقبل ما يزيد على 25,000 سفينة سنويًا من مختلف دول العالم ومن جميع الأنواع، ما يبني لدينا خبرة متراكمة في طبيعة التحديات والاحتياجات التي تشهدها الصناعة، وهو ما نقوم بالسعي إلى تطويره في المنظمة البحرية الدولية.”
المشاركة في وضع المعايير البحرية
ومن جهة أخرى قال سعادة محمد خميس الكعبي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى المنظمة البحرية الدولية: “باعتبار دولة الإمارات عضواً في مجلس المنظمة البحرية الدولية في الفئة (ب)، فإن ذلك يساعدنا دائمًا في طرح المقترحات البناءة التي تصب في مصلحة القطاع البحري لإثراء أعمال المنظمة، وخلال اجتماع اللجنة القانونية الأخير، تطرقنا إلى ضرورة معالجة قضية ملحة في القطاع البحري تتعلق بوضع آلية مرنة وديناميكية قادرة على احتساب قيمة التضخم عند تقدير حدود المسؤولية المدنية، ضمن اتفاقية حدود المسؤولية عن المطالبات البحرية (LLMC)، والتي تم وضعها في المرة الأولى في سبعينات القرن الماضي، ثم تمت مراجعتها مرة أخرى عام 1996، وتعديلها في عام 2012، حيث تضاعفت فيها معدلات التضخم، من دون وضع منهجية واضحة لاحتساب قيمة المطالبات وفقاً لمعدلات التضخم. وقد تم قبول المقترح ويجري العمل حاليًا على دراسة أفضل وتطوير المنهجيات لتقييم الحاجة إلى تعديل حدود المسؤولية في اتفاقيات المسؤولية والتعويض مثل اتفاقية تحديد المسؤولية عن المطالبات البحرية لعام 1976، بصيغتها المعدلة ببروتوكول عام 1996.”
وأضاف الكعبي: “نجحنا خلال الاجتماع في تقديم اقتراح تم قبوله لتشكيل فريق لإعداد دراسة متكاملة حول مكافحة التسجيل الاحتيالي للسفن، وستكون الدراسة مبنية على مجموعة الأسئلة التي تقدمت بها دولة الإمارات إلى اللجنة، كما تقدمت الإمارات بمقترحات أخرى تتمثل في تشكيل الفريق المشترك للجنة السلامة البحرية واللجنة القانونية ولجنة تيسير التجارة البحرية، لمعالجة القضايا المشتركة بشأن السفن ذاتية القيادة (MASS)، علاوة على مقترح بشأن إعداد دليل للمطالبات خاص باتفاقية Bunker Convention 2001 والخاصة بتحديد المسؤولية المدنية والتعويضات عن أضرار التلوث بوقود السفن.”
تحديات تطوير المنظومة القانونية عالمياً
وقالت جاسمين فيشت، المؤسس والشريك الإداري لدى «فيشت وشركائه» للاستشارات القانونية: “يعتبر تطوير المنظومة القانونية من أكثر التحديات التي تواجه الصناعة البحرية على مستوى العالم، لأن دورة إجراءاتها تستغرق وقتًا طويلًا قد يصل إلى سنوات عديدة، ما يجعل القوانين التجارية في كثير من الأحيان خارج سياقها التجاري والتشغيلية وكأنها تنتمي إلى عصر آخر. ويعتبر اقتراح دولة الإمارات بتضمين الاتفاقات والمعاهدات الدولية على آليات مرنة ذاتية التحديث والتعديل وفق المعطيات التجارية والاقتصادية الراهنة، أمرًا في غاية الأهمية، وسيخدم ملاك السفن والصناعة البحرية بشكل كبير الذين يعانون بسبب عدم مواكبة تلك القوانين للمتطلبات المستجدة. ونتمنى أن تواصل الدولة مساعيها في هذا الجانب نحو تطوير جميع اللوائح القانونية المتعلقة بالقطاع البحري، ونحن على استعداد أن نقدم من طرفنا كامل الدعم عبر خبرات مستشارينا للإسهام في جهود وزارة الطاقة والبنية التحتية ونجاحها في تطوير المنظمة البحرية الدولية والصناعة البحرية.”
و ستساعد جميع الاقتراحات التي تقدمت بها الدولة لتطوير المنظومة القانونية في المنظمة البحرية الدولية على تعزيز الصناعة البحرية بشكل كبير، لما تشكله القوانين والتشريعات البحرية من عامل حاسم في تشجيع المستثمرين والشركات على ضخ رؤوس الأموال في الصناعة البحرية، إضافة إلى الحاجة إلى تطوير منظومات قانونية جديدة تواكب التقنيات المستجدة التي بدأت تستخدم تدريجيًا ويجري تطويرها لتحديث البنية التحتية البحرية على مستوى العالم، وأهمها السفن ذاتية القيادة، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.