ضرورة انتهاج سياسات التحفيز المالي، تخفيض الضرائب على الاستثمارات المنتجة،
توسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعي، تخفيض سعر العملة المحلية لتعزيز الصادرات
الإمارات العربية المتحدة، 11 فبراير 2023: شهدت تدابير التقشف لعدد من الحكومات حول العالم إخفاقاً في الخروج من الركود ا خلال الأزمات ، بل أسهمت في تباطؤ النمو الاقتصادي لتلك الدول ؛ ما يحتم انتهاج سياسات أخرى تحافظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي للحكومات، وفقاً لدراسة أعدها مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، ومقره أبوظبي.
وأكدت الدراسة ضرورة تزامن تدابير التقشف مع خفض الإنفاق الحكومي وتحسين مستويات المعيشة وتخفيض الضرائب وانتهاج سياسات أكثر ملاءمةً دون تعريض الاقتصاد الكلي للخطر ؛ مشيرة إلى أن الوقت الأفضل لاتخاذ إجراءات التقشف هو مرور الاقتصاد بمرحلة التوسع.
ودعت الدراسة إلى إعادة تخصيص النفقات العامة، من خلال تعديل أولويات الميزانية، واستبدال الاستثمارات ذات الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأكبر بالاستثمارات عالية التكلفة والمنخفضة التأثير الاجتماعي وفرض الضرائب التصاعدية ومنع التدفقات المالية غير المشروعة.
وأكدت الدراسة على ضرورة انتهاج سياسات التحفيز المالي بالتخفيضات الضريبية لزيادة الاستثمارات وتوسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعي وإضفاء الطابع الرسمي على العاملين في الاقتصاد غير الرسمي وتخفيف أسعار الفائدة لتعويض الآثار الانكماشية لخفض الإنفاق، كما يمكن تخفيض سعر صرف العملة المحلية لتعزيز القدرة التنافسية للصادرات.
أجندات الحكومات
وذكرت الدراسة أنه وفي في خضم الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الحالية وارتفاع معدلات التضخم ، التي أسهمت في ارتفاع عجز الموازنات العامة ومستويات الديون العالمية اتجهت بعض الاقتصادات العالمية مؤخراً إلى العودة نحو تبني سياسات نقدية انكماشية، والانسحاب من أسواق السندات السيادية؛ ما قد يعيد سياسات التقشف إلى أجندات الحكومات.
وأعلنت العديد من الدول تخفيض النفقات في ميزانياتها السنوية وزيادة الضرائب، فيما يتوقع إجراء تخفيضات في الميزانيات العامة لنحو 159 دولة خلال الفترة من 2022 حتى 2025؛ إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن تخفض نحو 139 دولة في المتوسط في الميزانية كل عام، وأن يكون التقشف قد ترك تأثيراً على 6.6 مليار شخص أو 85% من سكان العالم خلال 2022؛ فيما يبقى 4 من كل 5 أشخاص في ظل التقشف حتى 2025.
إجراءات صعبة
وأشارت دراسة “إنترريجونال” إلى أنه وفيما تسعى العديد من الحكومات لانتهاج سياسات التقشف خلال فترة الركود الاقتصادي الراهنة التي تواجهها معظم الحكومات، وكان من بين هذه الإجراءات، خفض النفقات الحكومية من خلال تقليص برامج الحماية الاجتماعية، وترك شبكة أمان صغيرة لجزء صغير من الفقراء، وخفض أو وضع حد أقصى للأجور والموظفين المدنيين المحليين، وتجميد التوظيف وإلغاء الإعانات، وخصخصة أو تسويق الخدمات العامة مثل الطاقة والمياه والنقل العام، والحد من المعاشات التقاعدية وحقوق العمال، فضلاً عن زيادة الإيرادات الضريبية.
أسباب التقشف
وأجملت الدراسة الأسباب التي تدفع الحكومات نحو اتخاذ التدابير التقشفية في : تجنب أزمة الديون السيادية و زيادة الإيرادات الضريبية واستعادة الثقة للدول المقترضة و توفير المرونة في التعامل مع الأزمات الطارئة وعلى الرغم من اعتماد الحكومات تدابير التقشف في أوقات الأزمات الاقتصادية لخفض الدين الحكومي، تسببت تلك السياسات في الكثير من الجدل حول الغرض منها ومدى فاعليتها؛ فبينما يرى مؤيدو إجراءات التقشف أنها سياسة فاعلة في مواجهة ارتفاع النفقات وارتفاع عجز الموازنات خلال فترات الركود، ويمكن أن تكون محفزاً لخفض قيمة العملة الداخلية، ومن ثم تعزيز الصادرات والنمو؛ يعتقد العديد من الاقتصاديين أن إجراءات التقشف لن تسهم في حل الأزمات الراهنة؛ حيث تُخلِّف سياسات التقشف تداعيات سلبية وآثاراً انكماشية على أداء الاقتصادات على المديين القصير والطويل.
جدل الخبراء
وأوضحت دراسة “إنترريجونال” أن الخبراء الاقتصاديون اختلفوا حول أثر السياسة الضريبية في الموازنة الحكومية؛ ففيما تستهدف الحكومات من زيادة الضرائب، توسيع القاعدة الضريبية وزيادة إيراداتها وخفض العجز المالي لديها، يرى البعض أن خفض الضرائب الموجه استراتيجياً يحفز النشاط الاقتصادي، ويؤدي – للمفارقة – إلى مزيد من الإيرادات الضريبية، ومن ثم تسهم إجراءات التقشف بتداعيات مغايرة لتلك المستهدفة منها؛ فقد تؤدي إلى التسبب في انتشار عدم المساواة و تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض الاستثمار الابتكاري و تعميق مرحلة الركود الاقتصادي وارتفاع التكلفة البشرية لسياسات التقشف المتعلقة مثلاً: بخدمات الرعاية الاجتماعية وبرامج الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة.