تقرير: بزنس نيوز
وصف الرئيس الأميركي، جو بايدن، مشروع الممر الاقتصادي الذي أعلن عنه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، والهادف للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، بأنه “سوف يغير قواعد اللعبة”، حيث يتيح العديد من الفرص الواعدة للدول المشاركة، عبر خلق طريق تجارية موثوقة وأكثر فعالية من حيث التكلفة، وبما يعزز مرونة سلاسل التوريد، الأمر الذي ينعكس بدوره على عديد من دول العالم، بخلاف الدول التي يشملها يفيد أيضاً دول أخرى، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات.
ومن شأن الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط أن يعزز المنافسة ويتيح فرصاً وطرقاً أوسع، وبما يعزز من ديناميكية الاقتصاد العالمي.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الإطلاق بأنه “صفقة كبيرة”، قائلا إن المرء سوف يسمع عبارة الممر الاقتصادي في كثير من الأحيان في العقد المقبل.
وقال الرئيس الأميركي، إن الممر سيوفر “فرصاً لا نهاية لها” للدول المعنية، “مما يجعل التجارة وتصدير الطاقة النظيفة أسهل بكثير”، و”مد الكابلات التي تربط المجتمعات”. وقال إن ذلك “سيسهم في جعل الشرق الأوسط أكثر استقرارا وازدهارا”.
وقال البيت الأبيض في وثيقة نشرتها إدارة بايدن بشأن إعلان “الممر” الكبير بين الهند وأوروبا: “نريد إطلاق حقبة جديدة متصلة عبر شبكة سكك حديد، وربط الموانئ في أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا”.
كما علقت رئيسة المفوضية الأوروبية :”هذه خطوة تاريخية.. سيكون هذا الرابط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج العربي وأوروبا.. إنه جسر أخضر ورقمي عبر القارات والحضارات (..) خط السكك الحديدية سيجعل التجارة بين الهند وأوروبا أسرع بنسبة 40 بالمئة”.
قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، للصحفيين في وقت سابق، إن تطوير الممر يتماشى مع مساعي إدارة بايدن “لخفض درجة الحرارة” و”تهدئة الصراعات” في المنطقة، مع زيادة “الاتصال”.
من هي الدول المشاركة في مشروع الممر الاقتصادي،
تم التوقيع على الاتفاق المبدئي الخاص بالمشروع، في نيودلهي، على هامش قمة العشرين بين الولايات المتحدة والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، وفقا لبيان نشره البيت الأبيض. ويُعد الممر المرتقب دفعة جديدة على طريق التنمية العالمية.
أهمية الممر الاقتصادي
يربط الممر الاقتصادي الجديد بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) بين دول الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وأوروبا. وسيكون له مساران: الممر الشرقي (الهند – الخليج العربي) والممر الشمالي (الخليج العربي – أوروبا).
ستكون هنالك شبكة عبور وطرق الشحن منوعة ما بين السفن والسكك الحديدية، علاوة على شبكات الطرق الموجودة بالفعل. ولكن سيكون هناك توسع كبير في القدرات، ويتم التخطيط لتطبيقات التكنولوجيا الرقمية الحديثة في جميع القطاعات الحالية.
الممر الجديد سيكون أكثر فعالية من حيث التكلفة، وتزود العالم بطريق تجاري منافس وممر اقتصادي يضيف بديل لمبادرة الحزام والطريق التي يطوره الصينيون.
وسوف يعوض ذلك الاعتماد المفرط على مصادر الإمداد الصينية وطرق التجارة التي تسيطر عليها الصين. وفي وقت سابق من هذا العام.
الممر الجديد سيدخل المنافسة الحادة مع مبادرة الحزام والطريق . لكن في هذه المرحلة المبكرة ، تمتع الصين بميزة كبيرة في قدرات البنية التحتية، ولا تزال لديهم ميزة امتلاك عديد من مصادر توريد التصنيع، والوصول إلى المواد الخام والمعادن النادرة، وما إلى ذلك لذا، على المدى القصير (حتى 4 أو 5 سنوات) ليس لدى الصينين الكثير مما يدعو للقلق .
التأثير على عائدات قناة السويس
الأنظار تتجه الى ما سوف يكون له الحال في مصر جراء الانعكاسات السلبية على انخفاض الاعتماد على قناة السويس المصرية في حال كانت خارج هذا المشروع كممر إلزامي لحركة التجارة العالمية والتي تقدر ب ما يزيد على 13% من التجارة العالمية مما سيقلل من الاعتماد عليها بشكل كبير ما سوف يخفض من عوائد الرسوم التي يحصلها الاقتصاد المصري
لذلك من المهم فعلاً متابعة تأثيرات هذا المشروع على الدول المختلفة وخاصة مصر . إن اعتماد مصر على قناة السويس كممر تجاري رئيسي هو جزء كبير من اقتصادها، وأي تغيير في هذا الاعتماد قد يؤثر على الوضع الاقتصادي في البلاد.
فإذا حدث انخفاض في استخدام قناة السويس كممر تجاري رئيسي بسبب تطورات اقتصادية عالمية، فقد يكون لهذا تأثير سلبي على عائدات مصر من الرسوم القناة وعلى الاقتصاد المصري بشكل عام. من الممكن أن يكون هذا التأثير واضحاً خلال السنوات القليلة القادمة.
طموح هندي
على نحو مماثل، تطمح الهند إلى التحول إلى قوة تصنيعية كبرى، وتأمل الهند، في الحصول على حصة من الإنتاج العالمي من السلع. فيما سيتعين عليها رفع مستوى قدراتها البحرية من أجل هذا الممر، وهي لديها الآن موانئ ذات مستوى عالمي، مثل موانئ موندرا وJNPT على ساحلها الغربي، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من البنية التحتية للشحن في هذا القطاع.
وكان رئيس وزراء الهند المضيفة لقمة العشرين التي انعقدت الأسبوع الماضي، ناريندرا مودي، قد علق على المشروع قائلاً: “اليوم، بينما نشرع في مبادرة الربط الكبيرة هذه، فإننا نضع بذوراً تجعل أحلام الأجيال المقبلة أكبر”.
المنافسة مع الصين
في هذا السياق، ذكر تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن “المشروع الذي تم الاتفاق عليه على هامش مجموعة العشرين من شأنه أن يواجه النفوذ الصيني المتزايد في الدول العربية”.
علماً بأن ليس لدى مبادرة الحزام والطريق الصينية الكثير مما يدعو للقلق على المدى القريب، ولكن إذا انطلقت IMEC، وبعد ذلك، فإنها ستحقق بالتأكيد تأثيراً كبيراً على التصنيع في الصين، والوصول إلى المواد الخام وطرق التجارة الخاصة بمبادرة الحزام والطريق.
ومن شأن الممر أن يعزز المنافسة في الاقتصاد العالمي بين ممرات ومحاور مختلفة، وبما يخلق مزيداً من الفرص والخيارات على طريق التنمية العالمية.
وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإنه “بالنسبة للولايات المتحدة، يمكن أن يكون المشروع بمثابة مواجهة لنفوذ بكين المتزايد في المنطقة، في وقت يعمل فيه شركاء واشنطن العرب التقليديون على تعميق العلاقات مع الصين والهند والقوى الآسيوية الأخرى”.
وخصص الاتحاد الأوروبي إنفاق ما يصل إلى 300 مليار يورو على استثمارات البنية التحتية في الخارج بين عامي 2021 و2027 من خلال مشروع البوابة العالمية، الذي تم إطلاقه جزئياً لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية والدفاع عن المصالح الأوروبية في الشركاء التجاريين الرئيسيين.
وتسعى كل من المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، والإمارات العربية المتحدة، المركز المالي المهيمن في الشرق الأوسط، إلى إبراز نفسيهما كمراكز لوجستية وتجارية رئيسية بين الشرق والغرب.
كيف ينظر صندوق النقد الدولي لـ “الممر الاقتصادي”؟
ومن جانبها، ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أنه “لا ينبغي للممر الاقتصادي أن يكون إقصائياً، بل ينبغي أن ينخرط في روح الاقتصاد العالمي المتكامل”.
ونقلت شبكة CNBC عن غورغييفا، قولها: “إذا أردنا أن تكون التجارة محركاً للنمو، فعلينا أن نخلق ممرات وفرصاً (..) المهم هو أن نفعل ذلك لصالح الجميع، وليس لإقصاء الآخرين.. وبهذا المعنى، أود أن أشجع جميع البلدان التي تعمل بشكل تعاوني مع بعضها البعض على القيام بذلك بروح الاقتصاد المتكامل”.
وبحسب التقرير، فإن هذه الصفقة (خطة تطوير شبكة من السكك الحديدية والطرق البحرية التي ستربط الهند والاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط) لا تؤكد على الشراكة المزدهرة بين الهند والولايات المتحدة فحسب، بل تؤكد أيضاً على إلحاحهما وتصميمهما على إقناع العالم بأنهما يمثلان اقتراحاً استراتيجياً أكثر قابلية للتطبيق في تسهيل الاحتياجات التنموية للجنوب العالمي”