دبي، الإمارات العربية المتحدة، 22 يناير 2024: مع الارتفاع الكبير في عدد المسافرين على متن شركات الطيران بشكل تجاوز معه المستويات المرتفعة التي كانت سائدة قبل الجائحة، قامت المطارات في كافة أنحاء العالم بتوسيع وتحسين نظامها الأمني وتخصيص موارد أكبر بهدف جعل الأنظمة والعمليات أكثر سلاسة وخالية من الأخطاء وأوجه القصور.
وكانت كامل سلسلة القيمة في قطاع الطيران تلعب دوراً رئيسياً لجهة الحفاظ على أمن وسلامة المطارات في ظل التهديدات التي بقيت تمثل أولوية لها منذ بداية القرن الحادي والعشرين، حيث تواصل التهديدات تطورها وتعمل على تحديد الإطار الحالي والمستقبلي لأمن المطارات على هذا الكوكب.
ومن المتوقع بحلول العام 2030 أن يسهم الاستخدام الأفضل للبيانات والتقنيات والعمليات الجديدة في تخفيف الكثير من الضغط الذي يعانيه المسافرون حالياً عند نقاط التفتيش، حيث يتم باستمرار توسيع وتعزيز أمن المطارات عبر بناء علاقات تعاونية أوسع مع الحكومات والجهات التنظيمية في قطاع الطيران ومشغلي المطارات.
ويتم إجراء عمليات تقييم المخاطر بشكل مسبق في معظم أنحاء العالم، وقد أصبحت تقنيات التفتيش أكثر تفرداً ولا مركزية، حيث إنها باتت تتم في معظم الحالات عند بوابات المغادرة أو على طول ممرات المطارات وليس في موقع مركزي.
ويعتقد معظم الخبراء أن أسس أمن الطيران في العام 2030 موجودة بالفعل إلا أن هناك مشكلات يجب حلها وارتجالها، ومعايير يجب تحديدها لتصميم منتج ناجح، حيث أصبحت تقنيات التعرف على الوجه والقياسات الحيوية الجزء الأكثر تماسكاً على صعيد البنية التحتية المتعلقة بأمن الطيران. ويعتبر تعزيز وتوسيع نطاق أمن المطارات أمراً بالغ الأهمية لجهة جعل حركة نحو سبع مليارات مسافر جواً أمراً أكثر سلاسة بحلول العام 2030.
ووفقاً لمسؤولي مجلس المطارات العالمي الذي يشغّل أعضاؤه 1925 مطاراً في 171 دولة، بما في ذلك مطار دبي الدولي، الذي يعتبر المطار الأكثر ازدحاماً في العالم لجهة المسافرين الدوليين، فإن التوجه الحالي في العديد من البلدان، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، ينحو باتجاه نقل عمليات أمن المطارات خارج الموقع، وذلك للتعامل مع الأعداد المتزايدة للمسافرين في ظل التطور المحدود للبنية التحتية.
ووفقاً للاتحاد الدولي للنقل الجوي الدولي (اياتا)، فقد كان العمل يجري على تعديل التقنيات بالشكل الذي تناسب معه البيئات الأمنية الناشئة والأكثر حداثة، وعلى مشاركة البيانات الحساسة على كامل نطاق رحلة المسافرين، وذلك بهدف التعامل مع التهديدات بما في ذلك الجرائم الإلكترونية والأجهزة المتفجرة.
وسيقوم كبار الخبراء والمسؤولين على مستوى العالم لدى تواجدهم في معرض المطارات الذي تستضيفه دبي مايو المقبل، بمناقشة الوضع الحالي والمستقبلي لقطاع الطيران وأمن المطارات، ووضع التوصيات حول التدابير اللازمة لجسر الفجوات وتعزيز الأنظمة والإجراءات.
وتقام أعمال الدورة الثالثة والعشرين لمعرض المطارات والفعاليات المتزامنة معه، مثل منتدى مراقبة الحركة الجوية، ومؤتمر أمن المطارات في الشرق الأوسط، ومنتدى قادة المطارات العالمية، على مدى ثلاثة أيام في الفترة من 14 ولغاية 16 مايو، حيث سيجمع هذا المعرض، كبار موردي ومزودي خدمات المطارات على مستوى العالم، علاوة على قادة الطيران وصناع القرار الإقليميين، وذلك لعرض أحدث الابتكارات والتقنيات، حيث تعكس الفكرة الرئيسية لمعرض هذا العام، والتي تتمثل في “الاستدامة والابتكار”، تركيز صناعة المطارات على اعتماد التكنولوجيا المتطورة والمبادرات الصديقة للبيئة لدفع النمو والكفاءة.
وقال ثاني الزفين، الرئيس التنفيذي لمجموعة إماراتك: في الوقت الذي تُصارع فيه المطارات التعقيدات الناجمة عن ارتفاع أعداد المسافرين، والقواعد التنظيمية المتغيرة، وحتمية تعزيز القدرة التنافسية، فإن شركتنا تقف في طليعة التصدي لهذه التحديات، حيث نعمل من خلال التقنيات المتقدمة والحلول المبتكرة لتكنولوجيا المعلومات على تمكين المطارات لتعزيز تدابير السلامة والكفاءة والأمن، في حين تسهم حلولنا المتطورة، بما في ذلك تحديد الهوية البيومترية والذكاء الاصطناعي، بشكل كبير في تحديث أمن المطارات.
وفيما يتعلق بمجال السفر الذكي، فقد لعبت الشركة دوراً رئيسياً في التطورات الرائدة، لا سيما بالتعاون مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي، وطيران الإمارات، ومؤسسة مطارات دبي، حيث تتوقع تجربة تركز على العملاء يتم تحقيقها عبر عملية آمنة ومتكاملة للغاية تشمل بسلاسة كافة نقاط التماس في المطارات.
وقال الزفين إن مستقبل السفر يتمحور بشكل كبير حول القوة التحويلية لتقنية القياسات الحيوية وتجارب المسافرين الخالية من التماس مع موظفي المطارات، حيث إن هذه الابتكارات مصممة لإعادة تشكيل مشهد السفر الجوي، وهو الأمر الذي يوفر العديد من الفوائد لكافة أصحاب المصلحة المعنيين، سيما عند تقديم مثل هذه العمليات السلسة عبر البلدان. ومن منظور المطارات وسلطات الطيران، فإن هذه التجربة الجديدة تنطوي على أمل كبير.
ووفقاً لمصادر مطلعة في هذه الصناعة، فإن أمن المطارات يمثل جانباً معقداً وحاسماً من البنية التحتية للطيران في منطقة الشرق الأوسط. وبالنظر إلى الوضع الجيوسياسي والمخاوف الأمنية المتزايدة، فقد منحت المطارات الأولوية للتدابير الأمنية الصارمة التي تشمل تفتيش المسافرين والأمتعة، وضبط الوصول، وأنظمة المراقبة، والتعاون. وتأتي مطارات الشرق الأوسط في طليعة تنفيذ التقنيات المتقدمة الرامية لتعزيز الأمن، مثل المسح البيومتري، وأنظمة الكشف عن المتفجرات، والمراقبة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، كما يتم بالإضافة إلى ذلك تطبيق لوائح صارمة وتلتزم المطارات وشركات الطيران بالمعايير الدولية لجهة السلامة.
ووفقاً لتقرير بحثي نشرته مؤسسة سفيريكال انسايتس اند كونسالتنغ الاستشارية، فإنه من المتوقع أن يصل حجم سوق أمن المطارات العالمية إلى 26 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2030. ويقول التقرير إن سوق أمن المطارات في الشرق الأوسط تواجه تحديات أمنية فريدة ترجع في المقام الأول إلى العوامل الجيوسياسية المعقدة السائدة في المنطقة، حيث تؤثر هذه التحديات بشكل كبير على كيفية تعامل المطارات مع التدابير الأمنية وتنفيذها، وذلك بالنظر إلى قربها من مناطق النزاع النشطة.
وتقوم مطارات الشرق الأوسط باستخدام مجموعة من الأساليب، بما في ذلك التفتيش البدني والتكنولوجيا المتقدمة، حيث يتم تفتيش المسافرين باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن، والماسحات الضوئية لكامل الجسم، وآلات الكشف عن آثار المتفجرات. وبالإضافة إلى ذلك، تخضع حقائب اليد والأغراض الشخصية لفحص بالأشعة السينية لتحديد أي مواد محظورة أو محتملة الخطورة، كما قد يتم في بعض الحالات إخضاع المسافرين لعمليات تفتيش ثانوية بناءً على التصنيف السلوكي أو الاختيار العشوائي، ما يضمن إجراء تقييم شامل للمخاطر المحتملة.
وتستخدم مطارات الشرق الأوسط أحدث أنظمة تفتيش الأمتعة التي تستخدم بدورها الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب لإنشاء صور تفصيلية عن محتويات الأمتعة المسجلة، حيث تساعد هذه التقنيات أفراد الأمن على تحديد أي مواد مشبوهة أو محظورة، بما في ذلك المتفجرات أو الأسلحة أو البضائع المهربة. كما تقوم الأنظمة الآلية بالإشارة إلى الحالات الشاذة بهدف إجراء المزيد من التفتيش، فيما يقوم الموظفون المدربون بفحص دقيق للعناصر التي تمت الإشارة إليها، وذلك للتأكد من عدم وجود أي شيء يمثل تهديداً أمنياً قبل السماح بحمل الأمتعة على متن الطائرة.
وتعتبر هذه المطارات في الصدارة لجهة اعتماد تقنيات الأمن المتقدمة لتعزيز السلامة، حيث يتم استخدام أنظمة القياسات الحيوية مثل التعرف على الوجه ومسح قزحية العين بشكل متزايد للتحقق من الهوية وضبط الوصول، وتبسيط رحلة المسافرين مع ضمان الأمن، كما يتم علاوة على ذلك نشر خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الألة لتحليل سلوك المسافرين والكشف عن الحالات الشاذة التي قد تشير إلى تهديدات محتملة.
ويتم كذلك استخدام أنظمة الكشف عن المتفجرات على نطاق واسع لتحديد المواد المتفجرة الموجودة في طيات الأمتعة المسجلة، حيث تستخدم هذه الأنظمة خوارزميات متطورة لتحليل صور الأشعة السينية واكتشاف كميات ضئيلة من المتفجرات، مما يوفر طبقة إضافية من الأمان.
وعلاوة على ما تقدم، تقوم مطارات الشرق الأوسط بالاستثمار في تقنيات المراقبة، بما في ذلك كاميرات المراقبة عالية الدقة وتحليلات الفيديو، لمراقبة أنشطة المسافرين والموظفين في كافة أرجاء مباني المطارات، حيث كان من شأن تبادل المعلومات الاستخبارية في الوقت الفعلي أن أتاح للمطارات الاستجابة بشكل استباقي للتهديدات المحتملة وتعديل التدابير الأمنية تبعاً لذلك.
كما تستفيد مطارات المنطقة من إمكانية الوصول إلى أحدث المعدات والأنظمة التي تعزز عمليات التفتيش وتحسن النتائج الأمنية، حيث قامت بمواءمة بروتوكولاتها الأمنية مع المبادئ التوجيهية المعترف بها دولياً، ما يضمن اتساقها وتوافقها مع المطارات في كافة أنحاء العالم، كما يتم على نطاق واسع في مطارات الشرق الأوسط اعتماد الأنظمة البيومترية، بما فيها التعرف على الوجه، ومسح قزحية العين، والتعرف على بصمات الأصابع.
وتوفر هذه التقنيات سبلاً آمنة وفعالة للتحقق من هوية المسافرين في نقاط التماس المختلفة، مثل نقاط تسجيل الوصول والتفتيش الأمني وبوابات الصعود إلى الطائرة، حيث يمكن للمسافرين التنقل بسلاسة عبر المطار، وهو الأمر الذي يحد من أوقات الانتظار ويعزز الراحة العامة مع ضمان أعلى مستويات الأمان.
وبالحديث عن اتجاهات السفر حتى العام 2050، يقول تحليل صادر عن مؤسسة أوليفر وايمان إن أكثر من 19 مليار مسافر سيمرون عبر مطارات العام كل عام بحلول العام 2040، فيما سيتوسع أسطول الطيران التجاري العالمي بنسبة 33%، ليصل إلى أكثر من 36 ألف طائرة بحلول العام 2033. وقال التقرير : “ستمثل المطارات المحرك الأساسي للتغيير على مستوى الصناعة، بينما ستخضع بدورها للتحول في هذا السياق. فالمطارات، في نهاية المطاف، هي المكان الذي تبدأ فيه رحلات السفر الجوي وتنتهي. ومن الآن فصاعداً، ستكون تجربة المسافرين مخصصة، وحسب الطلب، وخالية من التماس مع موظفي المطار، ومتسمة بالكفاءة. وستعمل رقمنة المطارات على تمكين القيام برحلة مصممة خصيصاً من البداية إلى النهاية عبر المطار، وستخلق فرصاً جديدة لتجارة التجزئة والإيرادات التجارية.”
وسوف يؤدي التحول في معالجة شؤون المسافرين إلى إحداث تغيير كبير في التصميم الداخلي لمباني المطارات، حيث من المتوقع أن يكون خط الترسيم المستقبلي بين الجانب الجوي والجانب الأرضي مختلفاً تماماً عما هي عليه الحال اليوم. و”سيوفر التخفيض في نقاط تسجيل الوصول وطوابير التفتيش الأمني فرصاً جديدة لمساحات تخصص لتجارة التجزئة والاسترخاء في مباني المسافرين. وبحلول العام 2030، فإنه من المتوقع أن يؤدي دمج التقنيات الجديدة إلى تمكين المطارات من أن تقدم للمسافرين خدمات مخصصة حسب الطلب لتحسين تجربتهم في المطار.
وأشار التقرير بخصوص المسافرين إلى إن بطاقات الهوية الرقمية المخصصة للسفر دون تماس مع موظفي المطار قد تحل محل جوازات السفر الورقية بحلول العام 2040، وهو العام الذي سيكون فيه مركز السفر يدور حول هندسة المطار المفتوح، مع تواصل بيني على صعيد التصميم المادي والبرمجي بما يسمح بالقيام بالتفتيش الأمني وتسجيل الوصول بدون احتكاك بين المسافرين وموظفي المطار. وبحلول العام 2050، ستكون العمليات داخل المطارات مستقلة تماماً، ما يرفع من سرعة وجودة الأنشطة – بدءاً من التفتيش الأمني وانتهاءً بإجراءات الهجرة والصعود إلى الطائرة.
ومن خلال الجهود المنسقة التي تبذلها الحكومات والهيئات التنظيمية، فإن هناك احتمال للتوصل إلى هوية رقمية معترف بها دولياً لكافة المسافرين بحلول العام 2050، الذي يمكن الافتراض بحلوله أن الروبوتات والأتمتة سوف تتولى معظم الأدوار الحالية في المطارات، وستصبح محطات الانتظار الصفرية حينها حقيقة واقعة، مع عمليات مخصصة ومخطط لها مسبقاً، الأمر الذي من شأنه أن يخلق رحلة سلسة من المنزل إلى الوجهة وبالعكس. وسوف يستخدم المسافرون أجهزتهم أو تطبيقات السفر والمطارات للتحكم في كل جانب من جوانب رحلتهم وتجربتهم، فيما ستعمل وحدات المعالجة عن بعد ووحدات المعالجة الشاملة التي قد تكون متاحة خلال وقت اجتياز المطار على تبسيط إجراءات الأمن والصعود إلى الطائرة.