ما الذي ينتظر الأسهم الأمريكية بعد التعافي الحالي؟
حققت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب الثلاثاء مع انحسار المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي، خاصة مع ظهور التقارير الاقتصادية الأمريكية التي ألقت الضوء على أن الدفعات الأحدث من البيانات الاقتصادية جاءت تنطوي على القدر الأكبر من السلبية منذ فبراير العام الماضي. وأدت هذه التطورات إلى تصاعد توقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ خفض الفائدة قريباً.
وتزامناً مع تحسن شهية المخاطرة في الأسواق بسبب تقارير الأرباح التي تجاوزت في مجملها التوقعات، كانت ديزني بمثابة غيوم مفاجأة ظهرت في سماء التعاملات بعد أن تراجع سهم عملاق الترفيه، مسجلاً أكبر انخفاض على الإطلاق منذ 2022، وهو ما جاء عقب نشر الشركة توقعات سلبية للأداء في الفترة المقبلة.
الفيدرالي والسياسة النقدية
بعد شهر أبريل، الذي كان حافلاً باضطرابات السوق الذي شهد تراجعاً لمؤشر ستاندرد آند بورز بحوالي 5.00٪، تعافت أسواق الأسهم إلى مستويات كانت قد وصلت إليها قبل الهبوط الأخير. وجاء هذا التحول في أعقاب تصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي، التي دفعت الأسواق إلى استبعاد أن يكون هناك أي رفع للفائدة في الفترة المقبلة.
كما أسهم في ذلك التعافي أيضاً إبطاء الفيدرالي من وتيرة التشديد الكمي بعد خفض القدر الذي يسمح البنك المركزي بوصوله إلى موعد الاستحقاق دون أن يعيد شرائه من سندات الخزانة الأمريكية والسندات المدعومة بالرهن العقاري، أو ما يعرف بعملية “ضبط كشوف الموازنة”.
كما اعترف الفيدرالي بأن النمو الاقتصادي الأمريكي لا يزال قوياً، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي قراءة جيدة بحوالي 1.6% في الربع الأول من 2024. كما استمر الإنفاق الاستهلاكي في الصمود بشكل جيد ليحقق ارتفاعاً سنوياً في الربع الأول بـ2.5٪، وهو ما جاء أقل من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 3.00%.
ارتفع مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية إلى 175000 وظيفة في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 315000 وظيفة، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى ارتفاع إلى 243000 وظيفة.
وتراجع نمو الأجور في الولايات المتحدة، وهو الثابت في القراءة السنوية لمؤشر متوسط الكسب في الساعة الذي سجل 3.9% في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 4.1%، وهو ما جاء أقل من التوقعات التي أشارت إلى 4.00%.
وارتفع معدل البطالة الأمريكية إلى 3.9% في إبريل الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 3.8%، مما يشير إلى مستويات أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 3.8%.
ومع تدهور أوضاع سوق العمل، تسللت إلى الأسواق تكهنات بأن الفيدرالي قد يعيد النظر ويبدأ في خفض الفائدة في يونيو المقبل، وهو ما يؤدي إلى المزيد من تدهور الدولار الأمريكي لصالح الأسهم الأمريكية.
عقبات في طريق وول ستريت
رغم ذلك، قد تواجه مؤشرات بورصة نيويورك عقبات من شأنها أن تعيق التقدم الحالي، أبرزها التصريحات التي تخرج من أروقة الفيدرالي مرجحة كفة التمهل في خفض الفائدة. أن الفيدرالي قد لا يخفض الفائدة في وقت قريب وأن السياسة النقدية الحالية “ليست تشديدية بما فيه الكفاية” للتصدي لارتفاع التضخم.
وهناك أيضاً التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط التي تحتفظ لنفسها بقدر كبير من التأثير في حركة السعر في وول ستريت بعد انطلاق عمليات عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح التي نزح إليها أكثر من مليون فلسطينيا من غزة منذ أكتوبر الماضي.
وحذرت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة من إمكانية أن يؤدي أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح إلى كارثة إنسانية نظراً لتكدس حوالي مليون نازحاً فلسطينياً في هذه المدينة فراراً من القصف الإسرائيلي لقطاع غزة.
عوامل موسمية
هناك قول شائع يستخدم من قبل المستثمرين في أسواق المال العالمية، وهو “اخرج من السوق في مايو وعد إليها في نوفمبر”، وهو ما يقصد به أهم العوامل الموسمية التي تتحكم في مسار الأصول المتداولة في أسواق المال العالمية.
ويخرج الكثير من المتداولين في أسواق المال في عطلات على مدار فصل الصيف، وهو ما يؤدي إلى حالة من ضعف السيولة في السوق ويؤدي إلى تراجع مؤشرات بورصة نيويورك.
ورغم العطلات، تظل عيون المستثمرين على الشاشات التماساً لأي إشارات قد تزيل انعدام اليقين حيال المسار المستقبلي للتضخم، أي تغييرات في سياسات البنوك المركزية علاوة على الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة وما قد يطرأ عليها من مستجدات.