29 أغسطس 2023
لا تزال أسعار النفط الخام تتعرض لضغوط سلبية لليوم الثاني على التوالي حيث تُلامس الأسعار دعم المتوسط المتحرك البسيط 200 يوم عند مستويات 79.50 دولار للبرميل خلال الساعات الأولى من تعاملات الفترة الأوروبية اليوم الثلاثاء قبل أن يرتد صعوداً ليتداول حالياً عند 80.45 دولار تزامناً مع توقعات بارتفاع مخزونات النفط الأمريكي الخام والتي ستصدر البيانات الخاصة بها يوم غد الأربعاء.
غير أن أكثر العوامل التي تمثل عوائق أمام تحركات أسعار النفط الخام هي انخفاض صافي الأصول الأجنبية في السعودية بما يصل إلى 16 مليار دولار في يوليو، وهو أكبر انخفاض منذ ظهور كوفيد19 في عام 2020، ذلك بعد أن خفضت السعودية إنتاجها من النفط الخام بمقدار مليون برميل يوميًا حتى سبتمبر، بالإضافة إلى حصتها كجزء من تخفيضات العديد من أعضاء تحالف أوبك + التي بدأت في مايو. كما انخفضت الاحتياطيات من صافي الأصول الأجنبية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2009، بحسب بيانات البنك المركزي السعودي حيث وصلت تلك الاحتياطيات إلى 407 مليارات دولار حالياً.
وأتوقع أن ترتفع الاحتياطيات الأجنبية السعودية في سبتمبر بعد توزيع أول أرباح مرتبطة بالأداء من شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو السعودية. خاصة بعد أن قالت أرامكو في وقت سابق من هذا الشهر إنها تعتزم توزيع أرباح مرتبطة بالأداء على مدى ستة أرباع تبدأ في الربع الثالث من عام 2023. ذلك بعد أن عانت المالية العامة السعودية بسبب انخفاض أسعار النفط خلال هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وانخفاض إنتاج النفط السعودي، وهو ما تتطلع السعودية من خلاله إلى رفع أسعار النفط.
ومن ناحية أخرى اتخذت الصين خطوات لتعزيز اقتصادها المتعثر، وعلى الرغم من أن المستثمرين ما زالوا قلقين بشأن وتيرة النمو الاقتصادي في الصين وزيادة أسعار الفائدة الأمريكية بشكل أكبر من المتوقع والذي من شأنه أن يُضعف الطلب على النفط الخام. كما تترقب السوق أيضًا العاصفة الاستوائية “إداليا” وأي خطر قد تُشكله على إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة. مما أدى إلى ارتفاع خام برنت بما يعادل 0.8% إلى 85.13 دولار للبرميل، متجاوزا مستوى 85 دولارا بعد أن أعاد اختبارها في وقت سابق من اليوم، وحقق الخام الأمريكي مكاسب بمقدار 0.6% ليصل إلى 80.38 دولار حالياً. ومن رأيي فإن تركيز أسواق الطاقة اليوم سيكون على إجراءات الصين لدعم اقتصادها، وتوجه العاصفة الاستوائية “إداليا” إلى فلوريدا وهو ما سيُحدد إذا كان خام برنت يمكن أن يستعيد الزخم عند تجاوز 85 دولارًا أم لا.
حيث تقول وكالات الأنباء أن قوة “إيداليا” تتزايد مع اقترابها من كوبا، وأعتقد إن التأثير الأكثر ترجيحًا لها هو انقطاع التيار الكهربائي لمدة يوم أو يومين مما سيدعم أسعار النفط على المدى القصير، خاصة وإن سيناريو الركود الناعم للاقتصاد الأمريكي عزز أسواق الطاقة على الرغم من الموقف المتشدد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع أسعار الفائدة. حيث بقيت أسعار النفط فوق 80 دولارًا للبرميل بدعم من انخفاض مخزونات النفط وتخفيضات الإمدادات من مجموعة أوبك + لمنتجي النفط. كما أتوقع أن تمدد السعودية خفضاً طوعيا لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميا حتى أكتوبر تشرين الأول، حيث تسعى المملكة إلى تقديم مزيد من الدعم للسوق لتعويض خسائرها.
الرسم البياني لأسعار النفط على منصة MT4 من شركة XS.com
من الرسم البياني أعلاه يتضح أن الاختراق الواضح لمستوى المتوسط المتحرك البسيط 200 عند 79.50 دولارًا يُعتبر ضروريًا للحفاظ على اتجاه هابط مستدام لأسعار النفط. غير أن القاع المزدوج الذي تم تحديده يومي 03 و17 أغسطس، بالقرب من الدعم القوي عند حوالي 78.60- 78.50 دولارًا سيشكل تحديًا أمام استمرار الهبوط.
لكن في حالة استمرار هبوط أسعار النفط بعد مستوى 78.50 دولارًا، لا يمكننا استبعاد احتمالات رؤية تراجع نحو الحد الأدنى للقناة الرئيسية الهابطة بالقرب من 76.80 دولارًا على أبعد تقدير. كما أن التقارب بين خط الدعم السابق والخط العلوي للقناة الهابطة يُضعف الاتجاه الصاعد الفوري لسعر النفط الذي يتداول بالقرب من مستويات 80.38 دولار للبرميل.
ومن رأيي حتى لو بقي سعر النفط أكثر ثباتًا أعلى مستوى 80.00 دولارًا، فإن المتوسط المتحرك البسيط 100 وأعلى مستوى في أواخر أغسطس قد يقف عائقاً أمام استمرار الصعود عند 80.80 دولارًا و81.70 دولارًا على التوالي.وبصرف النظر عن التفاصيل الفنية، فإن البيانات الأمريكية المقرر صدورها خلال الأسبوع الحالي حول التضخم والتوظيف، بالإضافة إلى مخزونات النفط الأسبوعية التي ستصدر غداً الأربعاء، سيكون لها أثر بالغ الأهمية في تحديد تحركات أسعار النفط الخام على المدى القصير.
تحليل اسواق اليوم عن رانيا جول محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com