عام 1876 أول استخدام متعارف عليه لبطاقة هوية تحمل صورة شخصية خلال المعرض الدولي لـمئوية فيلاديلفيا
عام 2022، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أوائل الأنظمة في العالم التي تربط تأشيرة الإقامة ببطاقات الهوية الرقمية الوطنية
بقلم بنجامين هاشم هاس
رئيس أول مبيعات مجموعة « آي دي ناو »،
المنصة العالمية الرائدة في خدمة التحقق من الهوية الرقمية
كيف يمكنك إثبات هويتك لشخص آخر؟ سواءًا مررت بمطارٍ ما، أو تقدمت بطلب لفتح حساب مصرفي أوكنت تنوي زيارة الطبيب، فسوف يتوجب عليك استخدام مستندات ثبوتية مثل جواز السفر أو بطاقة الهوية الوطنية. وبطبيعة الحال التحولات الطارئة على الهويات الفوتوغرافية لم تكن موجودة إلا خلال السنوات الـ100 الماضية، كما أن المستجدات الطارئة على آلية التحقق من الهوية الرقمية أيضًا حديثة جدًا. حيث أن البشر وعلى مر العصور ساهموا باستمرار لابتكار آليات ساعدتهم في إثبات هويتهم.
المجوهرات: قبل 100 ألف عام
واحدة من أقدم أشكال التحقق من الهوية كانت المجوهرات. استخدمتها الثقافات والحضارات القديمة على شكل إثباتات يمكن ارتدائها من قبل الأفراد للتعرف على العائلات التي ينحدرون منها. وعلى مر العصور استمرت التقاليد في التطور مع استخدام مقتنيات قيّمة كدلالات تُوضح ثروة الفرد ومكانته، وهو نوع من السلوك الذي ما زال مستمرًا في عصرنا الحديث. وفي حال دخول أحدهم إلى المستشفى أعطوه سوار تعريف وبينما الأشخاص العاملين في السلك العسكري تم منحهم علامات لارتدائها. ولكن لم تكن جميعها طرق موثوقة أو قوية لاستخدامها بسبب سرقة هذه الإثباتات أو تكرارها بسهولة.
رسم الأوشام – قبل 3000 عام
إحدى التقاليد الأخرى المنتشرة كانت ثقافة الأوشام ، حيث غالبًا ما اسُتخدمت للتحقق من الهوية، مثل الوشم الصيني المستخدم على المساجين والذي يعود إلى 1046 قبل الميلاد. والوشم الماوري على الوجه (“تا موكو”) استخدمته القبائل الأصلية للدلالة على تاريخ العائلة.
الوثائق الرسمية المستخدمة قبل 2500 وحتى 6000 عام
بدأ البابليون القُدامى في جمع المعلومات الشخصية وترتيبها كجزء من عملية التعداد السكاني ومن ثم أصدر الرومان الوثائق الرسمية للأفراد مثل شهادات الميلاد وأوراق الجنسية وسندات الأملاك والأراضي.
جوازات السفر – في عام 1414
اخترع البريطانيون خلال حكم الملك هنري الخامس جوازات سفر للمسافرين إلى أقاليم أجنبية والذي استخدم في زمانه كوثيقة “إمتياز المرور” أو السلوك الآمن والتي عُرفت في منتصف القرن الـ 16 كجوازات السفر، والتي استخدمت لتأكيد هوية الأشخاص خلال عبورهم في مرافئ الدخول مثل بوابات المدن. وفي بداية القرن 19، وضمن الإصلاحات الحكومية التي قام بها نابليون تم إدخال وثائق تُعرّف عن شخصية العاملين، بينما اتبع السلطان محمد الثاني الأسلوب ذاته في الإمبراطورية العثمانية مع إدخال بطاقة الهوية الوطنية.
البصمات – في عام 1858
كان السير ويليام هيرشيل أول من استخدم بصمات الأصابع باستخدام الحبر كوسيلة لتوقيع الوثائق، والتي اعتبرت طريقة تعريفية فريدة من نوعها. وطَورت قوات الشرطة مثل اسكتلندا يارد وسائل لتصنيف البصمات للتحقيقات، بينما في الثمانينات من القرن التاسع عشر ابتكر المطورون اليابانيون نظام البصمات الآلية للتحقق من الهوية الشخصية. و تقوم العديد من الحكومات في يومنا هذا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمسح وجمع بصمات الأصابع من المواطنين والمقيمين لغرض التحقق من هويتهم.
بطاقات الهوية الفوتوغرافية – في عام 1876
يُعد أول استخدام متعارف عليه لبطاقة هوية تحمل صورة شخصية خلال المعرض الدولي لـمئوية فيلاديلفيا في عام 1876، وذلك عندما قدم المصور الفوتوغرافي الشهير ويليام نوتمان صورته اعتمدت للدخول إلى المعرض ولأول مرة في العالم. وواجه المعرض الكبير الذي إقيم في لندن، “الإكسبو العالمي”، صعوبات في تحديد الموظفين العاملين والعارضين والصحافيين وكبار الشخصيات و الزوار بشكل صحيح وخاصًة عندما أقبلوا لدخول المعرض عدة مرات. وببساطة شديدة فإن تمرير وثيقة مكتوبة أو موقعة يمكن استخدامها بسهولة من قبل أشخاص آخرين، لذلك كان ابتكار نوتمان البطاقة الفوتوغرافية قد سمحت للأمن التحقق بسرعة من ملامح الوجه. ومع حلول أوائل القرن 20 بدأت الحكومات في ربط الًهوية التي تحمل الصورة الفوتوغرافية مع وثائق الهوية الشخصية الرسمية.
أجهزة الكمبيوتر وكلمات المرور والسجلات الرقمية – في عام 1961
في حين أن كلمات المرور موجودة منذ آلاف السنين، فإن تطوير أجهزة الكمبيوتر وقواعد البيانات الإلكترونية جعل من الضروري إيجاد طرق لحماية المعلومات. وأنشأ مطوري معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) كلمات مرور لحماية الأنظمة. وبالطبع مع هذا التطور جاء اختبار مماثل لمحاولة اختراق الأنظمة، مما أدى إلى اعتماد تطوير نظام أمن الحاسوب في محاولة للتصدي لأولئك الذين يحاولون الاقتحام. ومع تطور الحوسبة، تم الاستغناء عن كميات كبيرة من الأوراق الحكومية لتحديد الهويات التي انتقلت إلى الأنظمة الرقمية.
الاستدلال البيولوجي المُتقدم (البيومتري)– منذ عام 2000 وصاعدًا
ومع دخول العالم ألفية جديدة تسارعت وتيرة عمليات التحقق من الهوية، وتم تطوير الاستدلال البيولوجي أو ما يسمى البيومتري مثل التعرف على الصوت وبصمات الكف والتعرف على خطوط اليد وقزحية العين والوجه وتسلسل الحمض النووي. وفي عام 2006، أطلقت الإمارات العربية المتحدة بطاقة الهوية الإماراتية واعتمدتها كبطاقة واحدة عديدة الاستخدامات. بينما أطلقت الهند أكبر نظام مصادقة بيومترية في العالم بإسم Aadhaar، بهدف جعل التحقق أسرع وأكثر أمانا. وأدخلت أبل Apple التعرف على بصمات الأصابع والوجه في الهواتف الذكية، مما أدى بنا للدخول إلى عصر التحقق عن بُعد.
التحقق من الهوية الرقمية – منذ عام 2010 وصاعدًا
منح التطور الذي حدث في مجال التحقق من الهوية الرقمية للعالم احتمالات هائلة وفرص جمّة، وتضم الأمثلة الرئيسية مثل القدرة على التحقق من الهوية في مواقع معتمدة خارج نطاق بنك العميل. كما هو الحال في ألمانيا مع التحقق الرقمي Postident الذي يسمح لمكتب البريد المحلي التحقق من بطاقة الهوية. ومنذ عام 2012 أصبحت الأمثلة العالمية الأولى في تحديد الهوية عبر دردشة الفيديو ممكنة. بينما أدى المزيد من التطورات غي عام 2018 إلى ظهور حلول آلية للانتقال الرقمي للاشخاص مثل التحقق التلقائي AutoIdent التابع لشركة “أي دي ناو” IDnow. حيث تستخدم هذه العملية برنامجًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي بإمكانه التحقق من الاستدلالات البيولوجية للوجه ومعلومات أمان جواز السفر وبطاقة الهوية، مما يتيح التعرف في الوقت الفعلي على الهواتف الذكية أو الحاسوب الخاص بالمستخدم من أي مكان في العالم.
وخلال السنوات الأربع الماضية اعتمدت المزيد من البلدان أتمتة المنتجات لمكافحة غسل الأموال ونظام إلكتروني اعرف عميلك وحالات استخدام عالية التنظيم. ومع انتشار تداعيات جائحة كورونا 19، شاهد عام 2020 صعود نماذج الأعمال الرقمية مما أعطى زخمًا إضافيًا لاعتماد التحقق من الهوية الرقمية في مجموعة من الخدمات. وفي عام 2022، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أوائل الأنظمة في العالم التي تربط تأشيرة الإقامة ببطاقات الهوية الرقمية الوطنية أي الهوية الإماراتية، بينما في الاتحاد الأوروبي هناك إطار جديد مقترح (eIDAS 2.0)، حيث يتوجب على جميع الدول الأعضاء التابعة للاتحاد الأوروبي تزويد مواطنيها بهوية رقمية.
الخلاصة ، طورت البشرية وعلى مر الزمان وبشكل متزايد طرقًا موثوقة للتحقق من الهوية، تمامًا مثل المجوهرات ووثائق “إمتياز المرور” أو السلوك الآمن، وأصبحت وثائق الهوية الورقية والمعدنية وكلمات المرور من تقاليد الماضي. وفي المستقبل القريب، قد تصبح الهويات الرقمية ومحافظ الهوية الرقمية التي تحمل بطاقة الهوية الشخصية وثائق رخصة القيادة أو الشهادة الجامعية أو حتى شهادة الزواج معيارًا جديدًا حول العالم بل من المتوقع أن ينتهي الأمر بالتخلص التدريجي من الوثائق المادية أو الشرائح المعدنية.