٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣
ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي (GBP/USD) بحوالي 0.7% صباح اليوم وذلك بعد المسار العرضي الذي كان يسلكه خلال الساعات الأولى من صباح اليوم.
جاءت مكاسب الجنيه اليوم على الرغم من أرقام الناتج المحلي القاتمة، إلا أن تسارع نمو مبيعات التجزئة على نحو ملحوظ قد ساهم في التخفيف من أثر البيانات السلبية وذلك إضافة إلى بعض الانتعاش لعوائد السندات بعد الافتتاح السلبي.
شهدنا اليوم أرقام الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الثالث والتي جاءت أضعف من المتوقع. حيث انكمش الناتج المحلي بنسبة 0.1% خلال الربع الثالث قياساً بالربع الثاني وهو ما كان أسوء من التوقعات التي أشارت إلى عدم التغيير وهو ما تمثل أسوء أداء ربعي منذ الربع الثالث من العام الفائت.
أما بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الفائت فقد سجل الناتج المحلي نمواً أقل من المتوقع عند 0.3% وهي ما كانت دون المتوقع عند 0.6% وتمثل أبطء وتيرة نمو منذ الربع الأول من هذا العام.
في القطاعات، فقد انكمشت الخدمات بنسبة 0.1% على أساس ربع وذلك مع تراجع مخرجات 8 من أصل 14 قطاعاً. في حين أن الضغط الأكبر على الخدمات قد جاء من انكماش الأنشطة العقارية بنسبة 0.4% وذلك مع تراجع الشراء والبيع والاجار بنسبة 1.6% أيضاً. أضف إلى ذلك التراجع بنسبة 1.2% لقطاعات النقل والتخزين.
فيما لم يشهد الإنتاج أي نمو في الربع الأخير إلا أن مخرجات التصنيع قد نمت بنسبة 0.1% وذلك مع النمو في 7 من أصل 3 قطاعاً جزئياً وكان هذا بدعم قطاع انتاج وسائط النقل والذي سجل بدوره رابع ربع على التوالي من النمو.
مخرجات البناء شهدت نمواً بنسبة 0.1% أيضاً في الربع الأخير وذلك بدعم النمو بنسبة 0.7% في أعمال الإصلاح والصيانة في مقابل تقلص بنسبة 0.3% للأعمال الجديدة.
استثمارات الأعمال شهدت تقلصاً لأول مرة من الربع الأول خلال الربع الثالث بنسبة 3.2% مقارنة مع الربع الثاني.
تقلص أيضاً إنفاق الاسر بنسبة 0.4% في الربع الثالث وذلك مع الانخفاض في الانفاق على السلع والخدمات المتنوعة مثل الحماية الاجتماعية والمجوهرات إضافة إلى النقل والطعام والمشروبات غير الكحولية. أضف إلى ذلك التراجع الانفاق على السياحة.
ليس بعيداً عن إنفاق الاسر، فقد شهدت مبيعات التجزئة نمواً ملحوظاً أكبر من المتوقع خلال نوفمبر الفائت. حيث سجلت نمواً سنوياً بنسبة 1.3% وهو ما كان أعلى من التوقعات عند 0.3% ويمثل أسرع وتيرة نمو منذ أبريل من العام الفائت.
أما على أساس شهري، فقد سجلت نمواً طفيفاً بنسبة 0.1% إلا أن هذه القراءة كانت القراءة الإيجابية الأولى خلال هذا العام والأعلى منذ مارس من العام الفائت.
فيما أن هذا الارتفاع في مبيعات التجزئة جاء بشكل أساس من النمو القوي لمبيعات متاجر غير الأطعمة بنسبة 0.9% على أساس شهري و 0.3% و 0.1% لمتاجر الأطعمة ومحطات الوقود. في حين جاء النمو الأكبر بدوره من ارتفاع مبيعات متاجر الأثاث المنزلي والاضاءة.
على الرغم من أرقام الناتج المحلي التي توحي بهشاشة الاقتصاد البريطاني إلا أن النمو المفاجئ لمبيعات التجزئة يوحي باستمرار قدرة الاسر على النفاق وذلك على الرغم من معدلات الفائدة المرتفعة القياسية وظروف سوق العمل الصعبة.
كما أن استمرار لهذه الأرقام في الارتفاع قد يضمن حفاظ النظام المالي المصرفي على متانته ويقلل من مخاوف الانجرار نحو الركود.
لا ننسى أن أرقام مبيعات التجزئة السابقة هي تستثني التغييرات الموسمية التي تأتي مع المناسبات والعطلات، مثل تخفيضات الجمعة السوداء، وهو ما قد يؤكد بدوره على أن هذا النمو في مبيعات التجزئة قد لا يكون عابراً.
كما أن الاتجاه المستمر لمبيعات التجزئة في النمو الأسرع من المتوقع قد يشجع بنك إنكلترا على الاحتفاظ بمعدلات الفائدة الحالية لفترة أطول من المتوقع أيضاً وظل في ظل سيادة المخاوف الصعودية للتضخم والتي تتزامن أيضاً مع الاضطراب المحتمل لحركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر والتي قد تؤدي إلى عودة الاضطرابات في سلاسل التوريد والضغط على الأسعار للارتفاع.
في سوق السندات، فقد ساهم انتعاش عوائد السندات الحكومية البريطانية قليلاً اليوم بعد الافتتاح السلبي في دعم مكاسب الجنيه أيضاً. حيث بلغ العائد على السندات لأجل عشرة أعوام 3.549% بعد أن تراجع إلى 3.506% في بداية تعاملات اليوم وهو ما يقع بالقرب قليلاً من أدنى المستويات منذ أبريل الفائت والتي شهدناها الأمس.
السندات الحكومية البريطانية تتجه لمحو كافة مكاسبها لهذا الأسبوع وذلك مع الانخفاض الملحوظ لصندوق iShares Core UK Gilts UCITS ETF (IGLT) إلى أدنى مستوى له منذ الجمعة الفائت عند 10.4500 جنيهاً.
تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com