عودة التداولات الهادئة إلى سوق العملات المشفرة بعد استيعاب الأسواق للأخبار الجديدة حول صناديق البيتكوين الفورية
عادت البيتكوين إلى التداولات الجانبية منذ مساء الأمس واستقرب بالقرب من مستوى 34,000 دولاراً بعد أن تجاوزت مستوى 35,000 فجر الأمس. أما الايثريوم فتحاول التماسك عند مستوى 1775 دولاراً بعد أن فشلت في الاحتفاظ بمستوى 1850 دولاراً الأمس. في حين أن سولانا لا تزال توجه مقاومة صلبة من مستوى 32 دولاراً.
تأتي تراجعات العملات المشفرة من أعلى مستوياتها القياسية خلال النصف الثاني من هذا العام بعد استيعاب الأسواق للأخبار الجديد مع بداية الأسبوع والتي توقعت الإطلاق الوشيك iShares Bitcoin Trustالخاص بشركة BlackRock. حيث كنا قد شهدنا إدراج الصندوق ضمن لوائح شركة المقاصة Depository Trust and Clearing Corporation (DTCC) والذي حمل الرمز IBTCوهو ما أشعل معنويات المستثمرين ودفع البيتكوين إلى مستوى 35000 دولاراً. في حين تلا ذلك إزالة الصندوق من اللوائح وإعادة إدراجه مجدداً.
فيما تحدث لاحقاً الأمس المتحدث باسم DTCCوقال إن الصندوق موجود بالفعل ضمن لوائح شركة المقاصة منذ أغسطس الفائت. كما قال إن هذا الاجراء هو إجراء معياري يأتي ضمن التحضيرات لإطلاق أي صندوق متداول ولا يعني تأكيد الإطلاق حيث لا يمكن حدوث ذلك دون الموافقة التنظيمية.
يبدو أن المعنويات الإيجابية التي دفعت البيتكوين عالياً في بداية الأسبوع لم تكن بالقوة الكافية وبدأت تتبدد بسرعة مع إدراك السوق ما هو مؤكد إلى الأن؛ ليس من إطلاق مؤكد ووشيك لصناديق البيتكوين الفورية. فيما يبدو أننا لن نرى أول هذه الصناديق قبل بداية العام القادم.
بعد هدوء هذا الضجيج حول إدراج IBTCبدئنا نرى موجة جني الأرباح وتصفية ملحوظة للمراكز الشرائية. وفقاً للبيانات المقدمة من CoinGlass، شهدنا الأمس تصفية ما يعادل 132 مليون دولاراً من المراكز الشرائية للبيتكوين وهي أكبر تصفية في يوم واحد منذ 11 سبتمبر الفائت، وذلك فيما يبدو أن يعكس توقعات الأسواق بعدم قدرة البيتكوين على التماسك أعلى مستوى 35,000 دولاراً.
في المقابل أيضاً، شهدنا الأمس استمراراً لتصفية المراكز البيعية وذلك مع ما يعادل 153 مليون دولاراً من المراكز البيعية التي تم محوها بعد حوالي 275 مليوناً في اليوم التي سبقه. فيما لا يبدو أن هذه التصفية العنيفة للمراكز البيعية قد تمكنت من دفع البيتكوين نحو المزيد من المكاسب كما كانت تتأمل الأسواق.
في محصلة المعنويات المتباينة في الأسواق، نرى انقساماً واضحاً حول التوقعات المستقبلية للمستثمرين. حيث اقتربت نسبة المراكز الشرائية إلى البيعية من التعادل وذلك عند 0.9693 صباح اليوم، أي بأفضلية طفيفة للبائعين على المشترين.
أما بالرجوع إلى بداية هذا الأسبوع، فقد أفصحت Ark Invest، والتي تديرها Cathie Wood، عن قيامها ببيع بعض حيازاتها من أسهم شركة CoinbaseوGrayscale Bitcoin Trust (GBTC) بما يعادل 2.5 و3 مليون دولار تقريباً لكلن منهما. فيما أن هذا البيع لا يعني بالضرورة تراجع Cathie Woodعن دعمها لسوق العملات المشفرة، وإنما قد يأتي في إطار جني الأرباح بعد المكاسب الأخيرة وذلك بعد أن وصل الخصم من صافي قيمة أصول GBTCإلى أدنى مستوى له منذ العام 2021 عند حوالي 11% يوم الجمعة الفائت وهو ما قد يبدو أن قد شكل فرصة للبيع.
يبدو أن المعنويات والتوقعات المتعاكسة قد تستمر في السيطرة على تداولات الأسواق إلى حين بروز أخبار حقيقة ومؤكدة مجدداً.
كما أن التوقعات الإيجابية للغاية لا تزال ضمن إطار المراهنة فقط حتى مع إطلاق صناديق البيتكوين الفورية. هذا ما أشار إليه بالفعل أحد أبرز منتقدي العملات المشفرة، Peter Schiff، والذي قال إن الارتفاعات الأخيرة في سعر البيتكوين مبنية فقط على أمل أن يضخ المستثمرين أموالهم في صناديق البيتكوين، كما استمر في انتقاد البيتكوين لعدم وجود قيمة أو منفعة لها.
أنا اتفق مع Schiffفي وجهة نظره حول الارتفاعات الأخيرة في البيتكوين. بالفعل أساسيات السوق لا تزال ضعيفة والعملات المشفرة تعاني من الحصول على التبني الواسع لاستخدامها. كما ستظل حالة عدم اليقين مسيطرة على الأسواق. فلا تزال المخاوف التنظيمية قائمة مع استمرار المعارك القضائية والدعاوي المقامة بشكل متبادل ما بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) والشركات العاملة في القطاع. كما أن أساسيات السوق ليست بالقوة الكافية لإعادة سوق العملات المشفرة إلى مكاسبه التي حظي بها في الأعوام السابقة. وعليه، لا يزال أمام سوق العملات المشفرة الكثير ليقدمه لاستعادة الثقة.
كما أرى أن وجهات النظرة التي ترى أنه بمجرد إطلاق صناديق البيتكوين الفورية في الولايات المتحدة سيدفع الأسعار إلى مستويات لم نراها من قبل منقوصة، ومن ضمنها المقارنة التي رأيتها والتي قارنت تطور سعر الذهب بعد إطلاق صناديق الذهب المادي.
في حين أرى أن هذه الجدلية ليست باتجاه واحد؛ أي أن وجود تلك الصناديق ليس كافياً. فكما ارتفع سعر الذهب بعد إطلاق الصناديق الخاصة به – وهذا ليس بالضرورة دليل على أن تلك الصناديق هي من تسبب في ارتفاع سعر الذهب – لا زلنا نرى العديد من الأسهم والأصول من الفئات الأخرى تستمر في التراجع على الرغم من الحيازات الضخمة من قبل مدراء الأصول سواء من عملاق إدارة الأصول، BlackRockوغيره.
انظر إلى سهم Zoomعلى سبيل المثال. فعلى الرغم من حيازة أكثر من 30% من أسهم الشركة من قبل مدراء الأصول فلا يزال السهم مستمراً في التراجع على الرغم من الاستخدام الواسع للغاية لمنتجات الشركة على مستوى العالم.
تحليل سوق العملات عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
